يعتبر التطور التكنولوجي والتقني أساس عمل #الموانئ البحرية، والتي بدورها تعتبر أساس حركة التوريد العالمية. من هذه التقنيات، أصبحت #الحلول_الرقمية التي تشهد تطورا متسارعا، تقنيات أساسية سيتم الاعتماد عليها بشكل كبير خلال السنوات المقبلة.
إن الحلول الرقمية هي مجموعة خدمات ذكية ومبتكرة تلبي احتياجات أصحاب العلاقة في مجالات التجارة والخدمات اللوجستية، وتساهم في تعزيز كفاءة وإنتاجية التعاملات التجارية البحرية ورفع مستوى الشفافية. وهنا تكمن أهمية الموانئ في تعزيز وتطوير مكانتها من خلال هذه التقنية.
يطرح هذا العدد من “ربان السفينة” دور الحلول الذكية في تسريع نشاط الموانئ وتسهيل حركة العمل فيها، وربطها بكافة الأطراف المعنية في هذه العمليات، من خلال آراء خبراء الصناعة البحرية، الذين يلقون الضوء على أهمية هذه الحلول والصعوبات التي يمكن ان تواجه القطاع البحري من خلال تبني هذه التقنيات.
تسريع تحول الاعمال
يتفق خبراء الصناعة على أهمية الحلول الذكية للموانئ، مؤكدين ضرورة تبنيها من أجل تطور بيئة عمل الموانئ وأدائها، والإستفادة من الاستثمار فيها.
![]() |
فهد خالد فهد الأحمد الصباح |
يتحدث فهد خالد فهد الأحمد الصباح، مـدير إدارة المنظومــة الذكيــة بالتكليـــف في مؤسسة الموانئ الكويتية، عن أهمية الحلول الرقمية في المساعدة على تسريع تحول الأعمال نحو آليات عمل مستدامة، وفي توفير خدمات ذكية ومتقدمة وحلول رقمية مبتكرة لتلبية احتياجات أصحاب العلاقة في المجالات التجارية والخدمات اللوجستية.
بالنسبة للصباح، هذا الأمر يعزز كفاءة وإنتاجية التعاملات التجارية البحرية ورفع مستوى الشفافية ويساعد على الوصول إلى المعلومة التي تحتاجها الاطراف المعنية بشكل سريع، باعتبار أن مفهوم الحلول الرقمية هو جلب البيانات من عمليات مختلفة وتوحيدها في مكان واحد، ثم تحليلها واستخراج المعلومات المهمة والمعوقات الممكنة.
اقرأ أيضاً: ربان السفينة تزور Eregli Shipyard في تركيا: حوض بناء سفن متكامل في قلب البحر الأسود |
في السياق نفسه، يلفت المتخصصون في قسم الرافعات البحرية في Liebherr Maritime Cranes التابع لشركة Liebherr Group، إلى قدرة الحلول الرقمية على تحسين عمليات الموانئ؛ بدءا من إدارة الأسطول والصيانة الآلية عن بعد، إلى عمليات تشغيل الرافعات المحسنة، والتي تمكن الموانئ من تحديث البنية التحتية وتحسين الاقتصاد وتأمين الفوائد البيئية وراحة البال للمشغلين. وتستعرض لنا Liebherr Maritime Cranes إحدى المنتجات التي تستفيد من الفوائد الرقمية لديها وهو محاكي الرافعة Liebherr LiSIM ذات الكلفة المنخفضة، والذي يمكن من تدريب الموظفين بطريقة مستهدفة لتشغيل أنواع مختلفة من الرافعات بشكل فعال، حيث أن البيئة الافتراضية متعددة الاستخدامات تحاكي مجموعة واسعة من السيناريوهات والتأثيرات البيئية.
![]() |
ناصر البوسعيدي |
وفي حين يجمع الخبراء على أهمية هذه التقنيات، يشير ناصر البوسعيدي، الرئيس التنفيذي لشركة تشغيل الموانئ - مجموعة موانئ أبوظبي، إلى الحلول الرقمية باعتبارها أحد أهم التوجهات الناشئة وأكثرها تأثيرا على قطاع النقل البحري وعمليات الشحن العالمية خلال الفترة الأخيرة. ويعلق قائلا: “تعد رقمنة عمليات الموانئ من الحاجات الرئيسية لدعم الأعمال نظرا لدورها الكبير في تطوير ادارة عمليات الموانئ ودعم أدائها وتعزيز مستويات السلامة فيها. كما أنها تدعم جهود أصحاب العلاقة الرامية إلى تقليل الأثر البيئي لقطاع الشحن العالمي عبر إزالة الكربون وإدارة العمليات. بالإضافة إلى ذلك، نقوم بتطوير الخدمات الذكية في الموانئ لخدمة المتعاملين أنفسهم، وخصوصا بعد التحديات التي شهدتها المنظومة العالمية للتبادل التجاري في أعقاب الجائحة العالمية منذ عام 2020.”
التحول الرقمي
التغيير الرقمي في صناعة الخدمات اللوجستية هو تطوير إمكانيات أي مؤسسة أو جهة تتعامل باللوجستيات، بحسب الصباح، مشيرا إلى أمثلة كحلول التخليص، حلول التتبع، حلول المناولة، حلول الترسية وغيرها من الحلول التي تعزز كفاءة وإنتاجية التعاملات التجارية لأصحاب البضائع والتجار وجميع مستخدمي نقل البضائع. بالإضافة إلى ذلك، تساعد الحلول الرقمية على ادخال كميات كثيرة من البضائع وتوسيع المناطق اللوجستية الحالية دون التوجه لتوسيع المساحات الموجودة.
فالاستثمار في تطوير البنى التحتية لدعم عمل الموانئ الذكية سيؤدي الى تحقيق مستويات متقدمة من كفاءة العمليات التشغيلية، بحسب ما يؤكد البوسعيدي، باعتبار أنه يسهم في تسريع حركة البضائع وتدفقات التجارة العالمية بفضل ما يتيحه من بنى تحتية متطورة، وخدمات مبتكرة، من خلال أفضل الحلول القائمة على البيانات وتحليلاتها الفورية، والمستويات العالية من الشفافية في الأعمال.
اقرأ أيضاً: اﻟﺮﺋﻴﺲ واﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﺎﻟﻚ في لقاء مع ربان السفينة: Middle East Fuji ﻣﺤﻄﺔ واﺣﺪة ﻟﻜﺎﻓﺔ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺴﻔﻦ |
من وجهة نظر Liebherr Maritime Cranes، فإن صناعة الخدمات اللوجستية تستفيد على نطاق واسع من جميع التحديثات الرقمية، ويمكّن جمع مجموعات أكبر وأكثر تفصيلا من المعلومات المتعلقة بمناولة المواد/الخدمات اللوجستية وتنظيمها في وقت لاحق واستخدامها في اتخاذ القرارات الاستراتيجية: “بناء على ذلك، يمكن تحسين استخدام الموارد والاقتصاد على حد سواء، وقد تستفيد قطاعات أخرى مثل البيئة من انخفاض استخدام الموارد.
في البنية التحتية الرقمية، هناك تطبيق Liebherr LiDAT الذكي الذي يوفر تحليلات البيانات الضخمة للكشف عن الاتجاهات الخفية والعيوب والرؤى الأخرى. يمكن بسهولة إنتاج مؤشرات الأداء الرئيسية، وتحليل آداء الآلات المختلفة للمساعدة في تحسين العمليات وتحسين الموارد.”
كفاءة الموانئ
لا شك ان الموانئ على اختلافها لديها قدرة معينة على استخدام تقنيات الحلول الرقمية، وذلك يعتمد على درجة تطورها وتقدمها. وحسب البوسعيدي، فإن الموانئ تعمل في هذه المرحلة بشكل متزايد على تبني العديد من الحلول الحديثة والتقنيات الرقمية الناشئة بما يشمل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتقنيات الروبوتية، وإنترنت الأشياء والأجهزة التكنولوجية القابلة للارتداء والواقع الافتراضي وأجهزة المحاكاة الخاصة، مع الحرص على تبني أحدث حلول الأمن السيبراني. وتؤدي هذه التقنيات دورا رائدا في تعزيز تجربة المتعاملين، وتوفر العديد من المنافع لأعمالهم.
ويضيف قائلا: “تدرك الموانئ البحرية المدعومة بالحلول الذكية والمزودة بأحدث التقنيات الرقمية اليوم، الفوائد والمزايا العديدة التي تحظى بها بفضل هذا التطور، بما في ذلك القدرة على تتبع الشحنات بشكل آلي وتحديد مواقع الاختناقات وتعطل سلسلة التوريد.”
اقرأ أيضاً: كلمة العدد 83: كيف ينطلق عام 2023 البحري؟ |
بالإستناد إلى هذه المعطيات، فإن التقنيات والحلول الرقمية هي أفضل الطرق للكفاءة والتشغيل الكامل وتوسيع العمل دون اللجوء إلى الأعمال الميدانية، وفقا لما يؤكده الصباح، الذي يعلق قائلا: “قد تساهم تلك التقنيات والحلول الرقمية في مرونة وكفاءة بعض الحلول الموجودة حاليا في مرحلتها الأولى مثل النظام الآلي للمنافسين، وهو نظام يساعد إدارات المؤسسة مثل إدارة العمليات البحرية داخل المؤسسة في مواعيد دخول وخروج السفن وإدارة الحاويات والمناولة، وذلك يجعل الادارات في المؤسسة قادرة على توفير جميع المعلومات الخاصة بالبضائع من خلال ضغط زر واحد.
كذلك الأمر بالنسبة لإنهاء البضائع ونقلها أي قدرة الادارة على حل معوقات ومشاكل قد تتعرض لها. لذا فإن المؤسسة في طور دراسة وتطبيق أجهزة استشعار ومراقبة لكي تكون لديها أتمتة نقل البضائع داخل حرم الميناء في المؤسسة.”
لا شك أن التطورات في التقنيات الرقمية تساهم بزيادة ترابط البيانات والتحليلات والارتباط بالقرارات التشغيلية، وهذا ما يضمن تحديد المشاكل التشغيلية بدقة أكبر لمعالجتها. بحسب Liebherr Maritime Cranes، يمكن تحسين صيانة المعدات، ويمكن للآلات أيضا الاستفادة من تحليلات البيانات المقترنة بمكونات الأجهزة، مثال على ذلك هو نظام Cycoptronic من Liebherr المضاد للتأرجح بأقصى سرعة مناولة، ويكتشف الحركة أو أي اهتزاز في الحمولة. يتم حساب وتنفيذ الحركات المضادة الضرورية بحيث يتم تقليل أي اهتزازات حمل في أسرع وقت ممكن. فـفوائد الحمل الخالي من التأرجح هي التحكم الدقيق في حركة البضائع والمزيد من العمليات السالمة في الميناء.
تحديث الموانئ
في هذا الصدد، توضح Liebherr Maritime Cranes الخطوات الموجب اتباعها لمساعدة العملاء في تحديث موانئهم وتعزيز اعتماد العمليات الرقمية، من خلال تجهيز المزيد من الآلات والبنية التحتية بهندسة برمجيات جديدة ومكونات إلكترونية تسمح بتبني العمليات الرقمية.
توفر هذه الخطوات خيارات عديدة تتضمن جمع عدد كبير من نقاط البيانات لتحسين العملية، إلى جانب العديد من الأمور الأخرى. على سبيل المثال، ومن خلال أحدث رافعة متنقلة من Liebherr، يتيح نظام التحكم الجديد فيها وتكنولوجيا الاستشعار الحديثة ونقل المعلومات الرقمية، مساعدة العمليات المستقبلية وأنظمة التشغيل الآلي الجزئي.
وفي سياق هذه التطويرات السائدة والتي تسهل عمليات الموانئ، بات من الضروري مواكبة التطور. يشرح الصباح أن مؤسسة الموانئ الكويتية ستعمل على تطوير أعمال الميناء لتصبح أعمالا رقمية ويكون لدى المؤسسة برامج رقمية مخصصة لأعمال الميناء والأعمال الادارية للمناقصات والمالية واستلامها، وكذلك المراسلات الخارجية الخاصة بالمؤسسة وبرامج تتبع السفن والبضائع وغيرها.
لا شك أن هذا التوجه الرقمي يسود أغلبية أنظمة الموانئ، حيث تعمل مجموعة موانئ أبوظبي على تقديم حلول رقمية متطورة وذكية ومبتكرة تلبي احتياجات المتعاملين لدى الشركة في القطاعات التجارية واللوجستية، وذلك بفضل الدعم المقدم من بوابة المقطع، الذراع الرقمي لمجموعة موانئ أبو ظبي. ويضيف البوسعيدي قائلا: “تشتمل قائمة الخدمات المقدمة على سبيل المثال المنصة المتقدمة للتجارة والخدمات اللوجستية “أطلب” التي تعد النافذة الموحدة الرسمية للتجارة، والتي تتيح للشركات وصولا أسهل إلى مصادر عمليات الإنتاج الخاصة بها، وتعزز مشاركتها في سلسلة القيمة العالمية.”
اقرأ أيضاً: ربان السفينة تسلط الضوء على تعزيز رفاهية البحارة: خدمات الاتصال البحري.. مطلب أساسي |
عوائق الحلول الرقمية
ولكن أمام أهمية هذا التطور الرقمي الهائل، لا بد من تسليط الضوء على بعض الصعوبات التي يمكن ان تواجه النظام البيئي الرقمي في الموانئ. هنا، يشرح الصباح معوقات مؤسسة الموانئ الكويتية في تطوير ICT والتحول الرقمي IOT قائلا: “البنية التحتية الحالية لا تتحمل جميع الحلول والتقنيات الرقمية وربط جميع الإدارات والجهات الحكومية الخارجية بمؤسسة الموانئ الكويتية، كما أن ثقافة تبني الحلول الرقمية تشكل عائقا كبيرا بالنسبة لتغيير مفهوم العمل. لم تجد الادارات صعوبة في تبني الحلول المتكاملة حيث أن الموانئ جزء من عملية ضخمة ما بين عدة جهات خاصة وحكومية في عملية الربط والتعامل بين الجهات واقتراب وجهات النظر للعمليات الصحيحة.”
من جهته، يلفت البوسعيدي إلى جانب آخر من المعوقات وهو الهجمات الإلكترونية التي تشهد تصاعدا ملحوظا مع زيادة مستويات الرقمية في خدمات الموانئ، ويعتبر أنه يجب أن يترافق تعزيز الشفافية مع مستويات أفضل من الأمن، إلى جانب التحدي الذي يواجه القطاع المتمثل في تأمين كوادر تتمتع بالكفاءة التكنولوجية. ويؤكد: “لا بد من أن يكون الاستثمار في البنى التحتية الأساسية على رأس الأولويات حتى نتمكن من تحقيق الاستفادة القصوى من التقنيات المتطورة مثل إنترنت الأشياء.”
من جهتها، تنظر شركة Liebherr Maritime Cranes، إلى العقبات المتعلقة بالترابط الواسع للمكونات المختلفة، وتقدم شرحا مفصلا لهذه النقطة: “إحدى المشكلات هي ما يتعلق بسلسلة التوريد حيث لا يمكن بسهولة توفير المكونات الإلكترونية الضرورية للاتصالات الرقمية. ومن أجل أن تقوم الموانئ بتعديل أو توسيع بنيتها التحتية أو المعدات الموجودة بالأدوات اللازمة، فإن توافر هذه المكونات ضروري لـلرقمنة. إلا أن الحلول يمكن أن تظل مزيجا من الرقمية والتناظرية.
على سبيل المثال، تجمع أحدث رافعة متنقلة من Liebherr بين العديد من المستشعرات وتحسينات البرامج التي تسمح لها بالعمل جنبا إلى جنب مع مجموعة متنوعة من الأنظمة الأساسية الرقمية وأنظمة المساعدة. وبالتالي، فإن الرافعة الجديدة تستفيد من المزيد من فرص التفاعل مع الأجهزة الأخرى. ومع ذلك، فإنها لا تزال تقدم العديد من المكونات التناظرية أو الميكانيكية التي تعمل بشكل مستقل عن مدى تقدم البنية التحتية والأنظمة الرقمية للميناء.”
مجلة ربان السفينة، العدد 83، يناير/ فبراير 2023، موضوع العدد، ص. 16