في ظل تطوير خدمات جديدة لدعم إزالة الكربون من القطاع البحري، تلعب الموانئ دورا محوريا في تمكين التحول نحو ممارسات نقل بحري أكثر نظافة واستدامة. ومع تصاعد الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، تكتسب مبادرات إزالة الكربون في الموانئ زخما متزايدا.
تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز استدامة الموانئ وجعلها أكثر صداقة للبيئة، مع الحفاظ على دورها المحوري في التجارة العالمية، وذلك تماشيا مع الأهداف العالمية لمكافحة التغير المناخي. في هذا العدد، تستعرض ربان السفينة رؤى خبراء القطاع البحري حول تحديات وفرص إزالة الكربون من الموانئ، مع التركيز على جاهزية البنية التحتية لدعم هذا التحول.
تحديات الموانئ
تواجه الموانئ تحديات تشغيلية معقدة أثناء تحولها نحو عمليات منخفضة أو خالية من الكربون، مما قد يؤثر على قدرتها التنافسية واستدامة ربحيتها على المدى الطويل. وفقا لوجهة نظر Piotr Konopka، نائب الرئيس التنفيذي لبرامج الطاقة في DP World، يتمثل أحد أبرز تحديات التحول إلى العمليات منخفضة الكربون، في ارتفاع النفقات الرأسمالية (CAPEX) اللازمة لاقتناء المعدات الجديدة. ورغم إمكانية استرداد هذه التكاليف على مدار عمر المعدات، فإن الإنفاق الأولي الكبير يشكل عائقا رئيسيا أمام العديد من مشغلي الموانئ، حيث يؤثر على الربحية قصيرة الأجل ويعقّد قرارات الاستثمار. وأضاف: "تاريخيا، كان توفر المعدات الأساسية أحد التحديات الرئيسية في التحول نحو العمليات المنخفضة الكربون أو صفرية الكربون. ومع ذلك، أدى دخول عدد متزايد من الشركات المصنعة الصينية إلى السوق إلى التخفيف من مشكلات سلاسل التوريد، مما عزز توفر المعدات منخفضة الانبعاثات داخل الموانئ.
ويتابع Konopka: "هناك تحد آخر يتمثل في محدودية إمدادات الوقود المنخفض الكربون. فعلى الرغم من نجاح الجيل الثاني من الوقود الحيوي، مثل الزيت النباتي المعالج بالهيدروجين (HVO) في بعض المناطق كالمملكة المتحدة، إلا أن توفره لا يزال محدودا للغاية أو غير موجود في أجزاء أخرى من العالم. هذا التفاوت في الإمدادات يؤدي إلى عدم اتساق العمليات ويحدّ من إمكانيات التوسع في جهود إزالة الكربون عالميا. بالإضافة إلى ذلك، يشكل عدم استقرار شبكات الكهرباء في العديد من البلدان النامية عائقا كبيرا أمام اعتماد المعدات الكهربائية. فمن دون وصول موثوق للكهرباء، تواجه الموانئ في هذه المناطق صعوبة في التحول إلى الآليات الكهربائية، مما يحدّ من قدرتها على خفض الانبعاثات بشكل فعال."
في هذا الإطار، يؤكد د. عبدلله العبري، نائب رئيس الاستدامة في ميناء صحار والمنطقة الحرة، أن الموانئ تواجه تحديات معقدة في مسار إزالة الكربون من عملياتها. وتشمل هذه التحديات التكاليف المرتفعة لتطوير البنية التحتية، مثل الكهرباء والطاقة المتجددة، إلى جانب البيئة غير المستقرة والتقنيات الناشئة، مثل الهيدروجين والأمونيا. كما تمثل اللوائح المتطورة، مثل مؤشر كثافة الكربون (CII) التابع للمنظمة البحرية الدولية (IMO)، عاملا إضافيا يفرض ضغوطا على الموانئ. علاوة على ذلك، قد تؤدي الاضطرابات التشغيلية الناتجة عن دمج التقنيات الجديدة إلى تحديات إضافية، فضلا عن خطر فقدان الأعمال لصالح المنافسين الأكثر التزاما بالمعايير البيئية.
Jordi Torrent
من منظور مختلف، يوضح Jordi Torrent، رئيس الاستراتيجية في ميناء برشلونة، والأمين العالم لاتحاد موانئ البحر الأبيض المتوسط (MEDPorts)، أن موانئ البحر الأبيض المتوسط تحرز تقدما ملموسا في إزالة الكربون من أنشطتها.
ويقول: "تُعتمد أنظمة تزويد السفن بالطاقة الكهربائية من البر (OPS) في مختلف أنحاء المنطقة، لا سيما لسفن الحاويات والعبّارات وسفن الرحلات البحرية، كما تعمل الموانئ والمحطات على تنفيذ مشاريع متطورة لتوفير الوقود البديل لشركات النقل البحري." ويضيف Torrent: "تستثمر معظم موانئ البحر الأبيض المتوسط بشكل كبير في تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية لتعزيز النقل متعدد الوسائط وتقليل الاعتماد على النقل البري التقليدي. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، حيث يتمثل العائق الرئيسي في محدودية توفر الوقود البديل المحايد للكربون على نطاق واسع، إلى جانب ارتفاع تكلفة الكهرباء."
من منظور مختلف، يؤكد Nektarios Demenopoulos، نائب مدير العلاقات العامة وعلاقات المستثمرين والإعلانات المؤسسية في هيئة ميناء بيرايوس اليوناني (PPA)، أن التحول إلى العمليات المستدامة يمثل تحديا معقدا. "تلعب الموانئ دورا محوريا في التجارة العالمية، إلا أن الانتقال إلى الحلول المنخفضة الكربون أو الخالية منه يواجه عقبات كبيرة، أبرزها التكاليف الاستثمارية المرتفعة، وقيود إمدادات الطاقة، وعدم اليقين في الطلب، فضلا عن تطور القوانين واللوائح التنظيمية. أما أحد أهم التحديات فهو تحقيق التوازن بين الاستثمار في الاستدامة وضمان عائد مجز على الاستثمار، مع الحفاظ على القدرة التنافسية. ينبغي على الموانئ المضي قدما في هذا التحول دون التأثير على كفاءتها التشغيلية أو جدواها المالية، مما يجعل التعاون عبر القطاع البحري أمرا ضروريا لإنجاح هذه الجهود."
Nektarios Demenopoulos
ويضيف Demenopoulos: "في حين تدفع القوانين الصناعة نحو الاستدامة، إلا أنها لا تزال في تطور مستمر، كما أن أدوار الموانئ وشركات النقل البحري والسلطات المختصة ليست دائما محددة بوضوح. ورغم هذه التحديات، فإن الموانئ التي تستثمر في الاستدامة لا تسعى فقط إلى الامتثال للأنظمة، بل تضمن أيضا استدامة عملياتها على المدى الطويل. فالبقاء في الصدارة يعني جذب أصحاب المصلحة المهتمين بالبيئة، وتأمين الأعمال المستقبلية، وتعزيز القدرة على التكيف مع المتطلبات التنظيمية المتغيرة."
استراتيجيات التوازن في الموانئ
لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية في الموانئ، يمكن الاستفادة من التجارب الناجحة لإحراز تقدم ملموس في إزالة الكربون. ويؤكد د. العبري أن التوفيق بين هذين الجانبين يشكل تحديا رئيسيا، مشيرا إلى أن الحل يكمن في اتباع نهج تدريجي. ويشمل ذلك تنفيذ المبادرات البيئية مثل توفير البنية التحتية لتزويد السفن بالطاقة من البر وتزويدها بالغاز الطبيعي بشكل متدرج، مما يحد من الأعباء المالية مع التأكيد على التزام واضح بالمسؤولية البيئية.
د.عبدلله العبري
ويضيف د. العبري: "يُعد التعاون عاملا حاسما في تحقيق الاستدامة. إنّ تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بما يشمل الحكومات وشركات النقل البحري ومزودي التكنولوجيا، يسهم في تقاسم التكاليف والمخاطر المرتبطة بجهود إزالة الكربون. كما أن الاستفادة من تجارب الموانئ التي نجحت في دمج الاستدامة ضمن استراتيجيات نموها، مثل ميناءي روتردام ولوس أنجلوس، توفر رؤى قيّمة، حيث استثمرت هذه الموانئ في الطاقة المتجددة والكهرباء والممرات الخضراء لتحقيق تقدم ملموس في إزالة الكربون. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم السياسات الداعمة للممارسات الصديقة للبيئة، مثل تخفيض رسوم الموانئ أو منح أولوية الرسو للسفن المنخفضة الانبعاثات، في تحفيز اعتماد التقنيات المستدامة على نطاق أوسع."
من جهته، يؤكد Jordi Torrent أن "التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية لم يعد خيارا متناقضا، بل أصبح نهجا متكاملا. وأشار إلى أهمية التشريعات الدولية الملزمة في دفع القطاع نحو حلول صفرية الكربون، حيث تلعب هذه التشريعات دورا حاسما في تحفيز الصناعة على اعتماد ابتكارات تقلل من البصمة البيئية لسلاسل التوريد."
كما يسلّط Demenopoulos الضوء أيضا على أهمية تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة، قائلا: "لا شك أن تحقيق هذا التوازن يشكل تحديا، لكنه ممكن من خلال تبنّي النهج الصحيح. يكمن المفتاح في دمج الاستدامة ضمن استراتيجيات التوسع منذ البداية، بدلا من التعامل معها كعنصر ثانوي."
أما Konopka، فيرى أن الطابع التجاري لإزالة الكربون قد عزز الاستدامة بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية، ويرجع ذلك إلى الانخفاض الملحوظ في تكلفة معدات المناولة الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، بالإضافة إلى أن الاستدامة باتت عنصرا أساسيا في متطلبات العملاء خلال عمليات المناقصة. ويضيف: "لقد أثبتنا على مدار السنوات أن النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية يمكن أن يسيرا جنبا إلى جنب، حيث إن خفض تكاليف التشغيل الناتج عن التحول إلى الكهرباء يعزز الجدوى المالي ويدعم استدامة الأعمال."
ويتابع Konopka: "يؤدي التحول إلى معدات المناولة الكهربائية إلى خفض إجمالي تكلفة الملكية مقارنة بالآلات التقليدية التي تعمل بالديزل. كما أن هذا التحول يكتسب زخما بفضل الانخفاض المستمر في تكلفة الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب التطورات في الأتمتة التي تعزز الكفاءة التشغيلية بشكل عام."
Piotr Konopka
تمايز دور الموانئ
تلعب الموانئ دورا محوريا في دفع شركات النقل البحري ومشغلي المحطات نحو تبنّي حلول منخفضة الانبعاثات. يشير Jordi Torrent إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تطبيق مجموعة من الإجراءات، تشمل نشر أنظمة التزوّد بالطاقة من البر (OPS) في الموانئ والمحطات، وإعطاء الأولوية للسفن التي تعمل بالوقود البديل أو البطاريات الكهربائية، وتوليد الطاقة المتجددة في المستودعات والمباني لدعم العمليات التشغيلية، بالإضافة إلى توفير حلول للتزود بالوقود المنخفض الكربون أو الخالي منه. كما يمكن للموانئ تحفيز التحوّل نحو الاستدامة من خلال تقديم خصومات وتخفيضات على الرسوم الجمركية ورسوم الموانئ للسفن الصديقة للبيئة.
من ناحية أخرى، يؤكد Konopka على أهمية التمييز بين أدوار سلطات الموانئ ومشغلي الموانئ في تعزيز الحلول منخفضة الانبعاثات. ويقول: "تلعب سلطات الموانئ دورا حاسما في صياغة اللوائح التنظيمية، مثل إنشاء مناطق المنخفضة الانبعاثات داخل الموانئ، وفرض إلزامية توصيلات الطاقة من البر، وتعديل هياكل الرسوم لتحفيز استخدام السفن الأكثر استدامة. أما د. عبدلله، فيؤكد أن الموانئ يمكنها تحفيز صناعة النقل البحري على تبنّي حلول منخفضة الانبعاثات من خلال مزيج من الحوافز، والتنظيمات، والتعاون. فالعروض التحفيزية، مثل تخفيض رسوم الموانئ للسفن التي تستخدم الوقود الأنظف أو الطاقة من البر، تجعل هذه الخيارات أكثر جاذبية. ويتابع: "إن التوافق مع اللوائح الدولية، مثل استراتيجية الغازات الدفيئة (GHG) الخاصة بالمنظمة البحرية الدولية (IMO)، يسهم في استحداث بيئة متكافئة ويشجع على تبنّي الممارسات المستدامة على نطاق أوسع."
كما يوضح د. العبري أن إبراز العائد على الاستثمار (ROI) للتقنيات المنخفضة الانبعاثات من خلال دراسات الحالات الناجحة يمكن أن يكون عاملا حاسما في إقناع الشركات بالاستثمار في الحلول الصديقة للبيئة. ويضيف: "إن إنشاء منصات تعاونية لمشاركة أفضل الممارسات وتطوير التقنيات الخضراء بشكل مشترك يعزز ثقافة الاستدامة، ويدفع نحو تسريع التحول إلى قطاع بحري منخفض الكربون."
في هذا السياق، يؤكد Demenopoulos على الدور الأساسي الذي تلعبه الموانئ في تمكين التحول نحو العمليات المستدامة، قائلا: "تلعب الموانئ دورا حاسما في دفع هذا التغيير من خلال توفير البنية التحتية المناسبة وتسهيل عملية الانتقال قدر الإمكان. من أكثر الطرق فعالية لتحقيق ذلك ضمان توفر شبكة إمداد متكاملة للوقود البديل، مثل الغاز الطبيعي المسال. فعندما تستثمر الموانئ في تطوير البنية التحتية اللازمة للتزوّد بالوقود، فإنها تمنح مشغلي السفن الثقة للتحول إلى مصادر طاقة أنظف."
استثمارات البنية التحتية
على الرغم من التحديات والعقبات التي تواجه جهود إزالة الكربون في الموانئ، تظل الاستثمارات في البنية التحتية ضرورية لدعم الطلب المتزايد على ممرات النقل البحري الخضراء. ويشمل ذلك تطوير القدرات اللازمة لدمج تقنيات التقاط وتخزين الكربون، مما يتيح للموانئ دورا أكثر فاعلية في تقليل الانبعاثات وتعزيز الاستدامة في القطاع البحري.
وفقا لـ Konopka، تعد الشراكات الاستراتيجية عنصرا حيويا في تطوير خطط فعالة لممرات النقل البحري الخضراء، حيث تضمن هذه الشراكات تكامل الجوانب التقنية والاستدامة بشكل متوازن وفعال في عمليات الموانئ.
ويضيف Konopka: "تُعد تقنيات التقاط وتخزين الكربون (CCS) أكثر فاعلية في المناطق التي تشهد إنتاجا ضخما للطاقة أو الأنشطة الصناعية الثقيلة، حيث يمكن التقاط الانبعاثات من مصدر واحد. أما في الموانئ، فتأتي الانبعاثات من مصادر متعددة وموزعة، معظمها من المعدات العاملة بالوقود الأحفوري، مما يجعل تقنيات CCS أقل جدوى كحل لهذه المشكلة."
أما Torrent، فيرى أن دعم ممرات النقل البحري الخضراء يتطلب من الموانئ الاستثمار في توسيع منشآت الطاقة على البر، ما يتيح للسفن استخدام الكهرباء من البر وتقليل الانبعاثات أثناء الرسو. ويضيف: "إن تطوير البنية التحتية للتزوّد بالوقود البديل، مثل الغاز الطبيعي المسال (LNG)، الميثانول، الهيدروجين، والأمونيا أمر بالغ الأهمية. كما أن دمج تقنيات التقاط وتخزين الكربون لاحتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من عمليات الموانئ والصناعات المجاورة يشكّل عنصرا أساسيا في تحقيق الاستدامة. وأخيرا، فإن تحديث الاتصال بالشبكة الكهربائية يضمن الوصول إلى طاقة متجددة كافية لدعم هذه المبادرات."
تكامل مصادر الطاقة البديلة
تختلف درجة استعداد الموانئ لدمج مصادر الطاقة البديلة. حيث يؤكد د. عبدلله العبري أن العديد من الموانئ تستثمر في البنية التحتية للطاقة التي يتم توليدها على البر، لكن الاعتماد الواسع لهذا المصدر يتطلب تحديثات في الشبكة الكهربائية وتعديلات على السفن. ويضيف: "يُستخدم الغاز الطبيعي المسال (LNG) على نطاق واسع كوقود انتقالي، إلا أن بنية التزويد به لا تزال محدودة. في المقابل، يبرز الميثانول، الهيدروجين، والأمونيا كبدائل واعدة، لكن التوسع في استخدامها يتطلب معالجة قضايا تتعلق بالسلامة والبنية التحتية. كما أن تكامل مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يشهد نموا متزايدا لدعم عمليات الموانئ وتعزيز استدامتها."
من وجهة نظر Konopka، هناك حاجة لضمان توافق الوقود بين الموانئ والسفن وسلاسل الإمداد العالمية، إضافة إلى قابلية توسيع إنتاج الوقود المستقبلي. ويؤكد أن تحقيق ذلك يتطلب جعل التقنيات والهندسيات في متناول الجميع وتوفير البنية التحتية المناسبة لدعم هذا التحول. ويعلق Demenopoulos: "إلا أن هذا التحول لا يقتصر على التكنولوجيا فحسب، بل يرتبط أيضا بالتعاون. يتعين على الموانئ وشركات النقل البحري ومزودي الطاقة العمل معا لتطوير البنية التحتية، وضمان توفر الوقود النظيف، والامتثال للمعايير التنظيمية. من دون جهد منسق، سيظل الانتقال إلى أنواع الوقود الأنظف بطيئا ومكلفا، مما قد يؤثر على قدرة القطاع على تحقيق أهدافه البيئية في الوقت المناسب."
اقرأ أيضاً:مبيعات وقود السفن في الفجيرة تحقق رقما قياسيا في أبريل 2025 |
الحياد الكربوني
تعد التقنيات والتطورات في مجال الكهرباء عنصرا أساسيا في دعم جهود إزالة الكربون في الموانئ وتحقيق الحياد الكربوني. ويؤكد Konopka أن التوسع في الأتمتة والرقمنة يعزز كفاءة الموانئ، مما يسهم في خفض استهلاك الطاقة وتحسين العمليات التشغيلية بشكل عام.
ويتابع Konopka قائلا: "إن تطوير المعدات الكهربائية للموانئ ووضع معايير لها وتقليل تكاليفها تعد عوامل رئيسية في تسريع التحول نحو الطاقة النظيفة. مع تزايد توفر المعدات الكهربائية بأسعار أكثر تنافسية وانتشارها على نطاق أوسع، تصبح عملية الاستغناء عن الآلات التي تعتمد على الوقود الأحفوري أكثر سهولة. كما أن التقدم في إمدادات الطاقة المستدامة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة وحتى الطاقة النووية مستقبلا، سيوفر مصادر طاقة موثوقة ونظيفة، مما يعزز جهود إزالة الكربون في الموانئ."
في السياق نفسه، يتناول Demenopoulos التأثير العميق للسياسات الدولية المتعلقة بالمناخ على استراتيجيات إزالة الكربون، قائلا: "تلعب اللوائح والسياسات الدولية دورا حاسما في تشكيل نهجنا نحو إزالة الكربون."
يرى د. عبدلله العبري أن التطورات في تشغيل عمليات الموانئ بالكهرباء تشمل التحول إلى المعدات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات مثل الرافعات والمركبات، وتعزيز استخدام الشبكات الذكية لتحسين إدارة الطاقة، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لرفع الكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى تطوير خلايا وقود الهيدروجين لاستخدامها في التطبيقات الثقيلة.
يؤكد Torrent أن تطور التشريعات الدولية يلعب دورا حاسما في استراتيجيات إزالة الكربون في الموانئ، مشيرا إلى أن فرض هذه التشريعات على نطاق عالمي، وليس إقليميا أو وطنيا، مع تحديد معالم واضحة وجدول زمني دقيق، سيدفع أحواض بناء السفن وشركات النقل البحري إلى تبني حلول منخفضة أو صفرية الكربون بشكل أسرع وأكثر فاعلية.
من وجهة نظر د. عبدلله، إن استراتيجية المنظمة البحرية الدولية بشأن انبعاثات الغازات الدفيئة تضع أهدافا واضحة لخفض انبعاثات قطاع النقل البحري، مما يحفز الموانئ على تبني ممارسات أكثر استدامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن توسيع نظام تداول الانبعاثات التابع للاتحاد الأوروبي (EU ETS) ليشمل النقل البحري يزيد من الضغوط التنظيمية، مما يدفع الموانئ إلى تسريع جهودها لخفض الانبعاثات وتعزيز استراتيجياتها البيئية.
ويتابع د. العبري: "إنّ السياسات الوطنية في دول مثل المملكة المتحدة وسنغافورة تفرض معايير انبعاثات أكثر صرامة على الموانئ. بالإضافة إلى ذلك، فإن التزامات الاستدامة المؤسسية وسعي شركات النقل البحري إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية يعززان الطلب على تطوير الموانئ الخضراء، وتوسيع نطاق بنيتها التحتية الداعمة للحلول المنخفضة الكربون."
في هذا السياق، يقول Demenopoulos إنّ "تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 هدف صعب لكنه ممكن، بشرط تعاون جميع الأطراف المعنية بفعالية. يُعدّ التعاون عاملا رئيسيا في توسيع نطاق الحلول المستدامة، بدءا من دمج إنتاج الطاقة الخضراء وصولا إلى تطوير سلاسل توريد الوقود البديل. كما يلعب الابتكار المستمر، والرقمنة، ودمج الطاقة المتجددة دورا حاسما في تسريع هذا التحول."
ختاما، مع جميع الاستراتيجيات التي تسعى الموانئ لتحقيقها، يعتقد الخبراء أن هدف الوصول إلى انبعاثات صفرية للموانئ بحلول عام 2050 هو تحد كبير ولكنه واقعي للغاية.
لقراءة المحتوى كاملا إضغط على الرابط التالي : مجلة ربان السفينة، العدد 96، مارس/ابريل 2025، لقاء بحري، ص. 18 - 19 |