عقدت لجنة السلامة البحرية دورتها الـتاسعة بعد المئة (MSC 109) في المقر الرئيسي للمنظمة البحرية الدولية (IMO) الواقع في العاصمة البريطانية لندن، في الفترة من 2 إلى 6 ديسمبر 2024. حيث تمت الموافقة على الإرشادات المؤقتة المتعلقة بسلامة السفن التي تعمل بوقود الأمونيا، ما يُمكن اعتباره خطوة رئيسة أخرى نحو تبني الأمونيا كوقود بحري على نطاق أوسع.
وقد تم اعتماد تعديلات على المدونة الدولية لبناء وتجهيز ناقلات الغازات المسيّلة السائبة (IGC Code)، للسماح باستخدام شحنات الأمونيا كوقود؛ في حين تم تعديل المدونة الدولية لسلامة السفن التي تستخدم الغازات أو أنواع الوقود الأخرى ذات درجة الاشتعال المنخفضة (IGF Code)، لتعزيز سلامة السفن التي تستخدم الغاز الطبيعي كوقود. كما وافقت لجنة السلامة البحرية (MSC 109) على مسودة التعديلات على الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار (SOLAS)، لتعزيز سلامة ترتيبات نقل المرشد. بالإضافة إلى ذلك، تم إحراز تقدم في إعداد المدونة الجديدة للسفن السطحية المؤتمتة (MASS Code).
قرارات محورية بشأن السلامة المتعلقة بوقود الأمونيا والغاز الطبيعي
شكلت الموافقة على الإرشادات المؤقتة المتعلقة بالسفن التي تستخدم الأمونيا كوقود، واحدة من أبرز مخرجات MSC 109، حيث أتى هذا القرار بمثابة دعم للهدف الأوسع للمنظمة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال تسهيل اعتماد الأمونيا كوقود بديل في القطاع البحري.
في هذا الإطار، تقدم الإرشادات المؤقتة إطارا يضمن الاستخدام السالم للأمونيا كوقود، مع تناول المسائل المتعلقة بسلامة السفن والطواقم البحرية، بالإضافة إلى المسائل المتعلقة بالمخاطر البيئية المرتبطة بالأمونيا، ويمثل ذلك خطوة أساسية نحو التوسع في اعتماد السفن التي تعمل بوقود الأمونيا.
بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت اللجنة خلال هذه الدورة تعديلات على مدونة IGC للسماح باستخدام الأمونيا كوقود على ناقلات الأمونيا، ومن المقرر أن تدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ في 1 يوليو 2026.
كما تم إجراء تعديلات إضافية على مدونة IGF لتعزيز سلامة السفن التي تستخدم الغاز الطبيعي كوقود. وقد استندت هذه التحديثات إلى الخبرات المكتسبة منذ بدء العمل بالمدونة في العام 2017. شملت التعديلات الجديدة توضيحات بشأن أحكام تطبيق المدونة، وتوافقها مع مدونة IGC فيما يتعلق بشفط خزانات الوقود، بالإضافة إلى بعض التحديثات حول متطلبات عزل الحرائق المتعلقة بهياكل السطح.
كما أضافت التعديلات تحديثا على نصف قطر المناطق الخطرة المتعلقة بمنافذ صاري تهوية خزانات الوقود، حيث تم زيادة نصف القطر إلى 6 أمتار للمنطقة الأولى و4 أمتار للمنطقة الثانية. وستدخل هذه التغييرات حيز التنفيذ في الأول من يناير 2028.
السفن السطحية المؤتمتة (MASS)
حققت اللجنة خلال دورتها الأخيرة تقدما كبيرا في تطوير إطار تنظيمي للسفن السطحية المؤتمتة (MASS)، التي تمثل أحد المجالات الرئيسية التي تركز عليها المنظمة. حيث أنهت اللجنة صياغة الفصول الرئيسة من مدونة MASS، التي ستعمل كإطار تنظيمي لضمان التشغيل السالم لهذه السفن. كما تهدف هذه المدونة، التي تُعد غير ملزمة حاليا، إلى معالجة التحديات المتعلقة بالتحكم عن بعد والتشغيل الذاتي للسفن، مع التركيز على العمليات عن بعد والاتصالات وتقييم المخاطر.
كما أكدت اللجنة أن مدونة السفن السطحية المؤتمتة سيتم إتمامها بحلول عام 2026، ثم يلي ذلك مرحلة لبناء الخبرات قبل الانتقال إلى إطار إلزامي بحلول عام 2032. حيث تم الانتهاء من الفصول المتعلقة بالعمليات عن بُعد والاتصالات، وتم تناول أوضاع التشغيل المختلفة وضمان أن تكون هذه السفن قادرة على العمل بشكل سالم دون الحاجة إلى التدخل البشري.
وفي هذا السياق، يعد تطوير مدونة MASS أمرا بالغ الأهمية لدمج هذا النوع من السفن بشكل سالم في النقل البحري الدولي. لهذا، تعمل المنظمة على إنشاء بيئة تنظيمية متوازنة تعالج المخاوف المتعلقة بالسلامة لكل من السفن المؤتمتة والسفن المأهولة التي تعمل في المجال البحري نفسه.
معايير السلامة
ناقش اجتماع اللجنة المعايير المستندة إلى الأهداف (GBS) لبناء السفن، خاصة فيما يتعلق بناقلات البضائع السائبة وناقلات النفط. تهدف إرشادات GBS إلى ضمان أن القواعد المعتمدة في بناء هذه السفن تلبي متطلبات السلامة التي وضعتها المنظمة.
خلال هذه الدورة، طلبت هيئة التصنيف الإندونيسية (BKI) التحقق من قواعد بناء السفن المعتمدة لديها، وخلصت لجنة السلامة البحرية إلى أن قواعد BKI تتوافق مع المعايير المستندة إلى الأهداف (GBS)، بشرط تصحيح المخالفات التي تم العثور عليها خلال التدقيق.
فيما يتعلق بالسلامة والاستدامة البيئية، واصل اجتماع اللجنة عمله في تطوير لوائح السلامة المتعلقة بالتقنيات الجديدة والوقود البديل. كما وافقت اللجنة على إضافة "حاويات بطاريات الليثيوم أيون القابلة للتبديل" إلى قائمة التقنيات التي قد تسهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة من السفن، إلى جانب التقنيات الأخرى المدرجة مسبقا في هذه القائمة التي تشمل الأمونيا، الهيدروجين، تركيبات أنظمة طاقة خلايا الوقود، الطاقة النووية، الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح.
ويكمن الهدف من ذلك في تحديد العوائق والثغرات الموجودة في إطار العمل التنظيمي للمنظمة، التي قد تعيق استخدام هذه التقنيات والوقود البديل.
أشارت اللجنة أيضا إلى ضرورة معالجة الثغرات الموجودة في اللوائح الحالية لضمان الاستخدام السالم لهذه التقنيات الناشئة. لهذا؛ ستواصل مجموعة المراسلة عملها في هذا المجال، ومن المتوقع أن تقدم هذه المجموعة توصياتها في الدورة العاشرة بعد المئة للجنة السلامة البحرية (MSC 110)، المقرر انعقادها في يونيو 2025.
تعديلات SOLAS وتحسين الترتيبات
وافقت اللجنة على مسودة التعديلات المقترحة على اتفاقية سلامة الأرواح في البحار SOLAS، خصوصا فيما يتعلق بترتيبات نقل المرشد. تهدف هذه التعديلات إلى تحسين السلامة أثناء صعود ومغادرة المرشدين والأفراد الآخرين على متن السفن، خاصة في الظروف الصعبة. ستضمن التعديلات أن ترتيبات نقل المرشد سالمة لجميع الأفراد، بغض النظر عن وضعية غاطس السفينة أو ميلها، ومن المقرر أن تدخل اللوائح المعدلة حيز التنفيذ في 1 يناير 2028، وسيتم تطبيقها بأثر رجعي. كما تم اعتماد مسودة تعميم من قبل اللجنة، بهدف التشجيع على التنفيذ الطوعي المبكر لهذه التعديلات.
بالإضافة إلى ذلك، اتخذت اللجنة قرارات مهمة بشأن تطبيق المدونة IGF، كما وافقت اللجنة على صياغة تعديلات على اتفاقية SOLAS لتوضيح أن مدونة IGF تنطبق على جميع السفن التي تستخدم الوقود الغازي، سواء كان هذا الوقود منخفض نقطة الاشتعال أم لا. يهدف هذا التغيير إلى ضمان التوافق بين لوائح SOLAS ومدونة IGF، مما يعزز التناسق والوضوح في إطار اللوائح.
من المتوقع أن تدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ في 1 يناير 2027، بعد اعتمادها من قبل اجتماع اللجنة المقبل MSC 110، المقرر انعقاده في يونيو 2025.
اقرأ أيضاً: مشروع سعودي بالتعاون مع المنظمة البحرية الدولية لمواجهة نقص البحارة عالميا |
الأمن السيبراني البحري
أقرّت اللجنة بالأهمية المتزايدة للأمن السيبراني في صناعة النقل البحري، حيث إنّ الاعتماد المتزايد على التقنيات الرقمية والعمليات عن بُعد قد أدى إلى تزايد مخاطر التهديدات السيبرانية على السلامة البحرية. لهذا؛ دعت اللجنة إلى تقديم مقترحات لتعزيز معايير الأمن السيبراني البحري، وأكدت على الحاجة إلى تدابير أمنية قوية لحماية السفن والمرافق المينائية من المخاطر السيبرانية.
إجراءات السلامة التشغيلية
ناقشت اللجنة مجموعة من تدابير السلامة التشغيلية، بما في ذلك مراجعة معايير الأداء لجهاز التعريف الآلي (AIS)، لمنع التلاعب غير المصرح به بمعلومات هوية السفن. ستُحسن المعايير المُراجعة من نزاهة الجهاز، مما يضمن عدم التلاعب بمواقع وهويات السفن.
فيما يتعلق بالتواصل، اعتمدت اللجنة معايير الأداء لنظام البيانات الملاحية الرقمية (NAVDAT)، الذي يهدف إلى بث المعلومات الرقمية للسلامة البحرية والبيانات المتعلقة بالبحث والإنقاذ.
كما قامت اللجنة بمراجعة واعتماد تعديلات على معايير أنظمة الاتصال عبر الأقمار الصناعية المتنقلة ضمن النظام العالمي للاستغاثة والسلامة البحرية (GMDSS). ستشمل الوثيقة الجديدة التي سيتم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية في ديسمبر 2025 المزودين الجدد والحاليين لخدمات الأقمار الصناعية المحمولة، مما يضمن مزيدا من المرونة والموثوقية في اتصالات الاستغاثة البحرية.
تنفيذ اتفاقية كيب تاون
وافقت اللجنة على الإرشادات المؤقتة للمساعدة في تنفيذ اتفاقية كيب تاون (CTA) لعام 2012. تحدد هذه الاتفاقية الحد الأدنى من المتطلبات لتصميم وبناء وتجهيز وكشف ومنح الشهادات لسفن الصيد التي يزيد طولها عن 24 مترا. تم التصديق على الاتفاقية من قبل 22 دولة، ولكن لكي تصبح سارية بالكامل، يتعين أن تغطي الاتفاقية أسطولا يضم 3600 سفينة صيد. لهذا؛ فإنه من المتوقع أن تساعد هذه الإرشادات المؤقتة الدول الأعضاء على التأكد من أنها تلتزم بالمعايير المطلوبة وتسهيل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
برنامج العمل والتطورات المستقبلية
أسست لجنة السلامة البحرية (MSC 109) برنامج عمل للدورة القادمة (MSC 110) المقرر انعقادها في يونيو 2025. تشمل البنود الجديدة على جدول الأعمال تطوير خطة انتقالية لإدخال التكنولوجيا الرقمية في الاتصالات الصوتية ذات التردد العالي جدا (VHF)، بالإضافة إلى تقديم التوجيهات الخاصة بتطبيق نظام S100 المتعلق بعرض الخرائط الالكترونية وأنظمة المعلومات (ECDIS).
كما اتفقت اللجنة على معالجة المسائل المتعلقة بصيانة معدات الاتصال اللاسلكي، خصوصا لجهة المسائل المتعلقة باستخدام أجهزة الراديو ذات التردد العالي والمتوسط، لضمان الامتثال لمتطلبات النظام العالمي للاستغاثة والسلامة البحرية (GMDSS) في المنطقة البحرية A3. حيث إنّ تعديل اللوائح المتعلقة باستخدام الراديو سيساهم في ضمان تزويد السفن بأحدث تقنيات التواصل لضمان كفاءة وسلامة العمليات.
الكلمة الختامية
في كلمته الختامية، أشار الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية Arsenio Dominguez إلى التقدم الذي تم إحرازه خلال اجتماع لجنة السلامة البحرية في دورتها التاسعة بعد المئة (MSC 109)، خاصة لجهة تطوير مدونة MASS، والتوجيهات المؤقتة للسفن التي تعمل بالأمونيا. كما عبّر Dominguez عن تقديره لجهود اللجنة في تحسين معايير السلامة وتعزيز الاستدامة في العمليات البحرية.
اختتم Dominguez حديثه بالدعوة إلى المزيد من التحسينات في طرق عمل اللجنة للتعامل مع تزايد عبء العمل، وضمان أن تبقى المنظمة البحرية الدولية جهة فاعلة في مواجهة تحديات المستقبل.
لقراءة المحتوى كاملا إضغط على الرابط التالي : مجلة ربان السفينة، العدد 95، يناير/ فبراير 2025، قوانين وتشريعات، ص. 48 |