الجزء الجنوبي لشبة الجزيرة العربية: بوابة العالم اللوجستي
إن الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به الجمهورية اليمنية جعلها تتميز بمقومات استثمارية مُتعددة ومحطة جذب للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، حيث أن امتلاكها لشريط ساحلي يمتد بمسافة أكثر من 2500 كم بمحاذاة سواحل البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي يبين وجود مناطق عديدة طولية على طول المنطقة صالحة لعمليات الاستثمار فيها. وكنقطة ارتكاز لجذب واستقطاب العديد من الاستثمارات فيها، تعد اليمن بلدا بكرا في العديد من المجالات الاستثمارية لوجود الفرص الاستثمارية الخدمية المُربحة، هذا إلى جانب المزايا والحوافز التي كفلها قانون الاستثمار اليمني للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب.
أضف إلى ذلك إلى الاهتمام الذي توليه الحكومة اليمنية بقضايا الاستثمار والعمل على توفير البيئة المناسبة للاستثمار، من خلال الإصلاحات السياسية والاقتصادية واستحداث العديد من القوانين المُنظمة لعملية الاستثمار وحمايته بالبيئة القانونية الملائمة والمُشجعة لعملية الاستثمار، والتي بموجبها تمنح المستثمرين الحوافز والتسهيلات كقانون الاستثمار رقم (22) لعام 2002 وتعديلاته، والذي ينظم ويشجع الاستثمارات ويمنح التسهيلات والحوافز للمستثمرين.
بعض دول العالم الشاطئية لا تمتلك المساحات الواسعة التي تؤهلها للقيام بأنشاء مراكز لوجستية شاطئية للتخزين (النفطي أو التأمين الغذائي)، والذي يتمثل في إقامة المنشآت العملاقة الشاطئية لتخزين، لذلك فان أهمية قيام الحكومة اليمنية بالترحيب بالاستثمارات وطرح العديد من المناطق اليمنية للاستثمار فيها تعتبر قفزة نوعية وأفضل ما ينهض بالاقتصاد الوطني للبلاد، مما ينتج عنه تطوير مؤسساتها وبنيتها التحتية ومرافقها الحيوية، وزيادة الدخل القومي وانتعاش المستوى المعيشي للأفراد.
اقرأ أيضاً: كيف يبدو مستقبل التحول الرقمي في الموانئ البحرية العالمية؟ |
وفي حين قام معهد الطاقة في كلية لندن الجامعية “يو سي أل” بالتعاون مع استوديو البيانات المرئية “كلين” في لندن بإعداد خارطة النقل البحري العالمي على مدار عام عن النقل والشحن البحري وحركة السفن والملاحة البحرية، وتضمنت الخارطة بيانات تمثل حركة النقل التجاري على مدار الساعة طوال العام 2012، وتم تقسيم البيانات الضخمة هذه إلى 5 أنواع من السفن: هي سفن الحاويات، ناقلات المواد الصلبة، ناقلات النفط، ناقلات الوقود والغاز، وناقلات السيارات المصدرة عبر العالم.
ووفق بيانات الخريطة، تبين أن هناك جزء من هذا الحجم المهول من حركة النقل البحري للتجارة العالمية لسفن تٌمر بعضها عبر باب المندب وأيضا بالقرب من السواحل اليمنية الغربية والجنوبية والشرقية، وبالتالي يمكن الاستفادة منها كونها فرصة تقديم الخدمات اللوجستية لها، ووجود هذه المناطق يُعد مراكز وخدمات عالمية لحركة التجارة الدولية لجميع أنواع الخدمات التي يمكن القيام بتوفيرها على نطاق مناطق واسعة، ذات مساحات كبيرة تخدم عمليات المشاريع العملاقة، وعمليات التخزين والأنشطة الأخرى المكملة لها؛ وبخلاف أن يتم ايضا إقامة العديد من المناطق اللوجستية المحورية، والتي تقوم بتلبية وتقديم الخدمات اللوجستية للمحافظات المجاورة، لما تمتع به اليمن من مساحات داخلية ذات طبيعة سهلة مفتوحة تمتد من المناطق الغربية حتى المناطق الجنوبية الشرقية لليمن.
اقرأ أيضاً: ما هي أهمية اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982 بالنسبة لليمن؟ |
مع وجود تلك المساحات الكبيرة في المناطق الساحلية لليمن، فهي كفيلة أن تلبي الخدمات اللوجستية لعمليات الاستثمار، وبالتالي وجود مناطق لوجستية دولية بالقرب من الموانئ اليمنية والمطارات سيعزز من مكانتها المميزة كبوابة العالم اللوجستية.
مجلة ربان السفينة، العدد 82، نوفمبر/ ديسمبر 2022، رأي، بقلم د.زين محمد زوم، دكتوراه في السلامة البحرية والأمن البحري وحماية البيئة البحرية من التلوث وأ.إياد خليل، متخصص في الشؤون البحرية، ص. 62
اقرأ أيضاً | |
|