إهتم المجتمع الدولي منذ القدم بالعمل على وضع الحلول المناسبة التي من خلالها يتم التطرق إلى حل معظم المشاكل سواء الإقتصادية منها أو السياسية، ومن تلك المشاكل "المشاكل البحرية". ومن خلال المجتمع الدولي تم الإتفاق على تبني إتفاقية دولية لقانون البحار نتج عنها تحقيق العدالة والمساواة بين المجتمع الدولي توضح حقوق كل دولة وواجباتها، حيث أن في عام 1980 تم إعداد أول مشروع لنصوص إتفاقية قانون البحار، واختيرت دولة جاميكا مقرا للسلطة العالمية لقاع البحر، وأقرت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في 30 أبريل عام 1982. لذلك كان لهذه الإتفاقية أهمية بالغة بالنسبة للجمهورية اليمنية في الحفاظ على حقوقها العامة ومسؤوليتها أمام المجتمع الدولي كما هو محدد في موادها.

حقوق الدولة الساحلية في المياه الداخلية
المياه الداخلية للدولة هي المياه الواقعة على الجانب المواجه للبر من خط الأساس المحدد للمياه الإقليمية، وبالتالي تعتبر المياه الداخلية جزء من إقليم الدولة الساحلية ويحق لها بسط سيادتها الكاملة عليها، وتضم كل من مياه الوديان، الموانئ وقيعانها، مصبات الأنهار والخلجان، وبالتالي لا يحق للغير من القيام بعملية المرور البريء فيها.

حقوق الدولة الساحلية في المياه الإقليمية 
تشير الإتفاقية أنه يحق لكل دولة أن تعمل على تحديد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز 12 ميل بحري يقاس من خطوط الأساس المقررة وفق هذه الإتفاقية، وأن خط الأساس لقياس عرض البحر الإقليمي هو أدنى حد الجزر على طول امتداد الساحل.  

حقوق الدولة الساحلية وواجباتها في المرور البريء
تشير الإتفاقية بأنه يحق المرور البريء لجميع السفن الساحلية أو غير الساحلية في البحر الإقليمي للدولة ما دامت عملية المرور لا تضر بسلم الدولة الساحلية أو بأمنها. في حين تشير أن على الدولة الساحلية العمل على سن واعتماد قوانين وأنظمة من شأن عملية المرور البريء عبر البحر الإقليمي. وتوضح هذه القوانين عملية الحفاظ على حماية وتأمين وسائل تسيير حركة الملاحة وتسهيلاتها وكذلك العمل على حماية الكابلات البحرية وخطوط الأنابيب وحفظ الموارد الحية والبيئة البحرية فيها. كما يجب على الدولة الساحلية أن تعلن تلك القوانين والأنظمة الخاصة بها وفقا لمواد الإتفاقية. 

اقرأ أيضاً: الرقمنة والتحكم عن بعد: عناوين رئيسية في مشهد الطاقة العالمي

مسؤولية الدولة الساحلية وواجباتها في المنطقة المتاخمة 
تشير الإتفاقية بأنه يجب على الدولة أن تعمل على ممارسة الرقابة اللازمة لمنع أي خرق لقوانينها وأنظمتها الجمركية أو الضريبية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة داخل إقليمها أو المنطقة المتاخمة، والعمل على فرض عقوبات على أي خرق لتلك الأنظمة. كما حددت الإتفاقية بأنه لا يجوز أن تمتد المنطقة إلى 24 ميل بحري من خط الأساس.

مسؤولية الدولة الساحلية وواجباتها في المنطقة الاقتصادية الخالصة
تشير الإتفاقية أن المنطقة الإقتصادية، هي منطقة واقعة خلف البحر الإقليمي وملاصقة له، وتمتد إلى 200 ميل بحري من خط الأساس، وتتعلق بالحقوق السيادية للدولة ولها حق فيما يتعلق بالموارد الطبيعية الحية وغير الحية فيها، وحفظ الموارد وإدارتها وكذلك فيما يتعلق بكل من أنشطة الإستكشافات والإستغلال الإقتصادي فيها.

مسؤولية الدولة الساحلية وواجباتها على المرور العابر في المضايق والخلجان
تشير الإتفاقية بأن عملية المرور العابر، هي ممارسة حرية الملاحة والتحليق لغرض وحيد هو (العبور المتواصل السريع في المضيق بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة وجزء آخر من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة). وتشير الإتفاقية أن جميع السفن العابرة لها حق المرور العابر وأن لا يجوز للدولة المشاطئة أن تعمل على إعاقة عملية المرور العابر، في حين أن الإتفاقية ألزمت الدولة المشاطئة اتجاه عملية المرور العابر من أن تعمل على الإعلان المناسب عن أي خطر فيها ولها علم به، من شأنه أن يهدد سلامة الملاحة البحرية أو التحليق فوق المضيق أو داخله.

مسؤولية الدولة الساحلية في الجرف القاري
تشير الإتفاقية أنه يشمل مسؤوليات أي دولة ساحلية، قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى ما وراء بحرها الإقليمي في جميع أنحاء الإمتداد الطبيعي لإقليم تلك الدولة البري، حتى الطرف الخارجي للحافة القارية أو إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي إذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية يمتد إلى تلك المسافة.

أعالي البحار (المياة الدولية) 
تشير الإتفاقية بأن أعالي البحار هي حرية مفتوحة لجميع الدول سواء كانت ساحلية أو غير ساحلية بشرط أن تمارس تلك الحرية وفقا للشروط التي نصت عليها الإتفاقية وكذلك قواعد القانون الدولية الأخرى، مع مراعاة مصالح الدول الأخرى. أيضا مع حفظ وإدارة الموارد الحية كما حددتها الإتفاقية، وواجبات ومسؤوليات دولة العلم أثناء الحادثة البحرية ومسؤولية سفنها التي ترفع علمها من الناحية القانونية وواجباتها وواجب تقديم المساعدة.

إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982 وأهميتها لليمن     
#اليمن من الدول التي تهتم بالقضايا البحرية الهامة التي تناقش على المستوى الإقليـمي والدولي والتي تنعكس نتائجها الإيجابية على كل الدول المشاطئة للبحار بشكل أساسي أو على الدول المشرفة على المضائق البحرية الهامة أو على تلك التي تمتلك جزرا في مياهها الإقليمية أو الإقتصادية منه، وبالتالي للدولة حقوق وعليها واجبات تلتزم بها أمام المجتمع الدولي. 

وترجع أهمية الإتفاقية بالنسبة لليمن كونها تمتلك العديد من الجزر الهامة المطلة على البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن، وأيضا في حل القضايا البحرية الهامة على المستوى الإقليمي أو الدولي. لذا كانت هذه الاتفاقية بالنسبة لليمن السند القانوني الذي على أساسه استندت عملية التحكيم والرجوع لدى المحكمة الدولية في حل مشكلة قضية احتلال جزيرة (حنيش الكبرى) التي تم احتلالها من قبل دولة (أرتيريا) في 15 ديسمبر من عام 1995، والجزيرة تبعد عن الساحل اليمنى شرقا حوالي 28 ميلا بحريا وتقع بالتحديد على خط عرض 13° 42' شمالا وعلى خط طول 42° 43' شرقا.

وبفضل السياسة التي اتبعتها اليمن في حل مشكلة هذه القضية وفق القانون الدولي والبحري، كان الحل الأمثل والصائب من أجل الوصول إلى أحقية الدولة التي لها حق السيادة الكاملة على الجزيرة، وفي غياب المصدر الأول للقانون الدولي وهو الإتفاقيات، يأتي مبدأ العرف الدولي والمبادئ العامة للقانون الدولي، والعرف الدولي يتطلب التصرف أو الممارسة العامة والمستمرة من قبل الدولة على أن يتبع ذلك التصرف الشعور بأن ذلك التصرف ملزم قانونيا.

فتطبيق هذه الإتفاقية من قبل اليمن يعد الممارسة الحقيقة لسيادتها على مياهها والحفاظ على ثرواتها ومواردها البحرية وأمنها القومي ابتداء من البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة حتى المنطقة الاقتصادية. واليمن من الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية عام 1982، وصدر قرار جمهوري رقم (37) لعام 1991 بشأن البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة والمنطقة الإقتصادية الخالصة والجرف القاري. ويوضح مضمون هذا القرار المسائل الكاملة المتعلقة بالحدود البحرية لليمن والتي تهم سيادتها الوطنية الكاملة على مياهها البحرية وأمنها القومي والتزاماتها.

بقلم كل من: 
د. زين محمد زوم – دكتوراه في السلامة البحرية والأمن البحري وحماية البيئة البحرية من التلوث
ربان أعالي بحار/ شفيع محسن – خبير في الأمن البحري والمرافق المينائية.

مجلة ربان السفينة، العدد 81، سبتمبر/ نوفمبر 2022، رأي، ص. 56

اقرأ أيضاً

 العدد 81 من مجلة ربان السفينة

(سبتمبر/ أكتوبر 2022)

 

أخبار ذات صلة