وفقًا لأحدث تقرير صادر عن هيئة التصنيف البريطانية Lloyd’s Register، فإن الأزمة الثلاثية، المتمثلة بتغير المناخ والطبيعة وفقدان التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى التلوث، ستكون التحدي الأكبر الذي سيشكل مستقبل القطاع البحري في العقود المقبلة. إذ سلط تقرير "الاتجاهات البحرية العالمية 2050"، الذي أعدته شركة Economist Impact المتخصصة بالدراسات التحليلية والذي يعتبر جزء من تعاون مشترك بين Lloyd’s Register و Lloyd’s Register Foundation، الضوء على ما يلي:
ستصبح بعض أكبر الموانئ في العالم غير صالحة للاستخدام بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر
• تقدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC أنه من المتوقع أن ترتفع مستويات سطح البحر بمقدار 0.29 متر إلى 0.51 متر بحلول عام 2100 إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
• يُظهر التقرير أن ارتفاع مستوى البحر بمعدل 40 سم بحلول عام 2050 قد يجعل موانئ هيوستن (الولايات المتحدة) شنغهاي (الصين) وLázaro Cárdenas (المكسيك) غير صالحة للاستخدام.
ستصبح الدول الإفريقية مصدر أساسي لمد الصناعة باليد العاملة
• توقع صندوق النقد الدولي أن تتضمن الدول الإفريقية أصغر متوسط عمر لليد العاملة في العالم بحلول عام 2050، ألا وهو 25 عاما.
• نظرًا لأن المناطق الأخرى تواجه مستوى شيخوخة متزايد في السكان، من المتوقع أن تخالف إفريقيا هذا الاتجاه. وبالنسبة لقطاعات مثل النقل البحري، هذا يعني أن الموظفين الجدد قد يأتون من البلدان الإفريقية بشكلٍ متزايد، مما قد يحل محل اليد العاملة التقليدية القادمة من الدول الآسيوية.
ستشكل النساء 25٪ من البحارة بحلول عام 2050 بسبب التقدم التكنولوجي
• وفقًا لأحدث تقرير أعدته BIMCO/ICS في عام 2021، شكلت النساء أقل من 2٪ من البحارة حول العالم.
• لكن التوجه إلى الطاقة النظيفة في النقل البحري والتكنولوجيا في القطاع بأكمله من شأنه أن يساهم في زيادة نسبة عمل النساء في هذا القطاع بحلول منتصف القرن.
• قد تؤدي الحاجة إلى المزيد من مديري السفن المتمرسين في التكنولوجيا بحلول عام 2050 إلى توفير المزيد من الفرص للنساء في تولي مناصب إدارية في البر والبحر، حيث تتطلب السفن ذاتية القيادة والأنظمة المستقلة بشكل كبير الإشراف والمراقبة بدلاً من العمل اليدوي المكثف.
اقرأ أيضاً: الأكاديمية الأردنية للدراسات البحرية تجتاز التدقيق الخارجي لهيئة التصنيف البريطانية |
وفي هذا الصدد، حلل التقرير السيناريوهات المستقبلية المحتملة لقطاع النقل البحري في عام 2050، وذلك بالاستناد إلى سرعة اعتماد التكنولوجيا ومستوى التعاون العالمي، لمساعدة العاملين في هذا القطاع على التنبؤ بالمخاطر والفرص والاستثمارات المطلوبة.
وتعليقا على هذا الموضوع، اعتبر Nick Brown، الرئيس التنفيذي في Lloyd’s Register، أن التقرير (والبرنامج بشكل عام) الذي سيساعد في قياس بعض النتائج، يمثل فرصة ممتازة للاستعداد للتغيير واتخاذ الإجراءات: "إن القطاعات الأخرى أفضل بكثير في تنبؤ المستقبل، فعلى سبيل المثال، لدى القطاع المالي القدرة على فهم السيناريوهات المستقبلية المحتملة وكيفية الاستعداد لها، على عكس قطاع النقل البحري الذي ما زال متأخرًا عن غيره في هذا المجال."
وأضاف Brown قائلًا: "سمحنا للشكوك أن تؤخر موضوع التحول في مجال الطاقة والحصول على الجيل القادم من البحارة. ولقد ابتكرنا الآن طريقة أفضل لتمكين القطاع البحري من تنبؤ المستقبل. لقد حان الوقت للعاملين في هذا القطاع التقدم في هذا الموضوع."
من جهتها، قالت Ruth Boumphrey، الرئيسة التنفيذية في هيئة التصنيف البريطانية Lloyd’s Register: "يتأثر قطاع النقل البحري بشكل كبير بالتحديات الجيوسياسية وتحديات الاقتصاد الكلي؛ توفر السفن 80٪ من التجارة العالمية، وبالتالي يتأثر العالم بأكمله جراء هذه التحديات. وسط بعض الشكوك في سلسلة التوريد العالمية والحاجة الملحة لإزالة الكربون وتكامل التقنيات الجديدة والمخاوف بشأن حقوق الإنسان والسلامة في البحر، بالإضافة إلى مستقبل لوازم العمل، من الضروري أن يقوم العاملون في قطاع النقل البحري بكل ما في وسعهم للتنبؤ بهذه التحديات، الحد منها، والتغلب عليها من دون التسبب بضرر في أماكن أخرى."
الاتجاهات الجيوسياسية والاقتصاد الكلي
تزايد عدد السكان في آسيا وإفريقيا: وفقًا للأمم المتحدة، ستتركز أكثر من نصف الزيادات المتوقعة في أعداد سكان العالم وصولًا إلى عام 2050 في ثماني دول في آسيا وإفريقيا، ألا وهي إثيوبيا وباكستان وتنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والفلبين ومصر ونيجيريا والهند.
ترسيخ اتجاهات الانقسام: سيتميز عام 2050 بإاتجاهات زالة العولمة والتفكيك، والتي ستركز بشكل أكبر على الروابط الإقليمية، والتكتلات الاقتصادية من أجل التجارة الحرة الإقليمية، والسياسات الحمائية لحماية بعض القطاعات الحساسة و/أو ذات الأهمية الاستراتيجية.
هيمنة الاقتصادات الآسيوية: ستشهد العقود القادمة هيمنة الاقتصادات الآسيوية، مدفوعة بالديناميات السكانية المتغيرة والطلبات الجديدة على الموارد والابتكارات التكنولوجية.
حصر النزاعات باطار إقليمي و/أو وطني: من المرجح أن تنحصر النزاعات المتبقية داخل المناطق، إذ أصبحت الحروب العالمية أكثر تكلفة. ووفقًا للنموذج الإحصائي الذي أجرته جامعة أوسلو لعام 2012، ستنخفض نسبة البلدان التي تواجه نزاعات مسلحة داخلية من حوالي 15٪ في عام 2009 إلى ما يقدر بنحو 7٪ في عام 2050.
الإنفاق والاستراتيجيات والسياسات الأمنية: ستزيد التوترات الجيوسياسية المستمرة والتكنولوجيات الجديدة أهمية أمن الطاقة والدفاع والأمن البحري والصحة والأمن الغذائي والأمن الإلكتروني.
اقرأ أيضاً: مدينة دبي الملاحية تطور مصاعد السفن بالشراكة مع سينكروليفت أيه أس |
الاتجاهات البيئية
الاستخدام السائد لتكنولوجيا المناخ، بما في ذلك حلول إزالة الكربون: ستصبح تقنيات المناخ، بما في ذلك حلول إزالة الكربون، عنصرا رئيسيًا وضروريًا في سيناريوهات الصفر الصافي لعام 2050.
النقص المزمن في التمويل البيئي: ستستمر المناقشات حول التمويل البيئي (التمويل الأخضر والمناخي) حتى عام 2050، بحيث من غير المرجح أن يتم حل المناقشات حول حجم التمويل واتجاهه ووتيرته في المدى القصير إلى المتوسط.
اعتماد معايير الإبلاغ عن التحديات البيئية: ستعتمد التقارير عن المشاكل البيئية، إذ سيصبح من الضروري على الشركات والحكومات رصد وجمع وتقييم والكشف عن بيانات عدد من التحديات البيئية في كامل القطاعات بشكلٍ منتظم وقابل للمقارنة.
التكيف مع آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي: ستكثف المجتمعات جهودها للتكيف مع آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وإدارتها من خلال زيادة الاستثمارات وتطوير التكنولوجيات الجديدة وهجرة السكان والأنشطة الاقتصادية.
اتجاهات الموارد الطبيعية
نشر تكنولوجيا الغذاء على نطاق واسع وإعطاء البروتينات البديلة الأولوية: ستأتي تكنولوجيا الغذاء بأشكال مختلفة، وسيتم اعتمادها مع الحاجة إلى حلول أكثر كفاءة في استخدام الموارد لتلبية الطلب على الغذاء المستدام.
هيمنة الطاقة المتجددة: ستصبح الطاقة المتجددة المصدر المهيمن للطاقة مع تزايد الضغوطات على إزالة الكربون، واستمرار الاستثمار في الزيادة والتقدم التكنولوجي.
ازدياد استخدام مصادر وقود جديدة و/أو غير تقليدية: فبالإضافة إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة، سيؤدي الطلب المتزايد على مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة إلى اكتشاف واستخدام أشكال جديدة من الطاقة مثل الهيدروجين والميثانول والاندماج النووي.
معركة استخدام المعادن والموارد الحيوية: سيؤدي الطلب المتزايد على الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الإستشعارات أو المزودة برقائق إلكترونية إلى زيادة التأثير الاقتصادي والجيوسياسي للبلدان التي تحتوي على مصادر المعادن والرمال الأرضية النادرة ومصادر كبيرة للطاقة المتجددة. سيساهم نمو الطاقة المتجددة أيضًا بتحول المعادن الحيوية - مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنغنيز والجرافيت – لتكون أساس النمو الاقتصادي والمنافسة الجيوسياسية والتحالفات التجارية الاستراتيجية.
ترجمة ربان السفينة