في قرار صدر مؤخرا من قبل أحد المحاكم البريطانية، أشار إلى أن المطالبات أو الدعاوي المقدمة ضد مستأجري السفن بمشارطة عارية Bareboat لا يمكن إنفاذها إلا ضد السفينة التي نشأت المطالبة بشأنها، وذلك في حال كان عقد التأجير ساريا عند بدء إجراءات المحاكمة. وعليه، لا يمكن رفع مثل هذه المطالبات ضد عائدات بيع السفينة ثم بيعها قضائيا. فبمجرد انتهاء عقد الإيجار وإعادة تسليم السفينة إلى مالكها (أو في حالة البيع أمام المحكمة، تم تسليم السفينة إلى من ربح المناقصة)، لا يجوز تنفيذ أي مطالبات أو دعاوي على مالك السفينة وهي مرفوعة من الأساس على مستأجرها بمشارطة عارية. 

هذا يعني أن الدائنين البحريين مثل موردي الوقود، ووكلاء السفن، وعمال صيانة السفن، الذين غالبا ما يقومون بتوريد السلع والخدمات تحت شروط ائتمانية لمشغلي السفن المستأجرة بمشارطة عارية، يحتفظون بحق حجز السفينة فقط مع سريان عقد الإيجار. يعد هذا منطقيا جدا ويحمي مالكي السفن، الذين أنهوا عقود تأجير سفنهم بمشارطة عارية، من تعرض سفنهم للحجز بسبب ديون تجارية غير مدفوعة من قبل مستأجر سابق.
ستناقش “ربان السفينة” في هذا العدد شروط وحقوق حجز سفينة بسبب ديون المستأجر في ظل فترة سريان عقد الإيجار، ومطالبات الدائنين البحريين وموقف ملاك السفن في تجنب خطر الحجز.

الحقائق
نشأت القضية التالية بعد الصعوبات التي أثرت على قطاع الرحلات البحرية الذي لا يزال يعاني من الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا. في مارس 2020، وعند بداية الجائحة، قام مشغلا سفينتي رحلات بحرية، بتوقيفهما (Laid Up) عند مصب نهر التايمز. في يوليو 2020، قام عدد من الدائنين التجاريين بإبلاغ مطالبات ضد السفينتين إلى مالكيها. في أغسطس 2020، عيّن المالك شركة إدارة للسفينتين بشكل مؤقت، وبدأ بإجراءات عينية ضد مستأجري السفينتين للمطالبة بمبالغ التأجير غير المدفوعة. في 2 سبتمبر 2020، أُبلغت المحكمة أن المالك لا ينوي إنهاء عقود التأجير حتى بيعهما. وكما لاحظت المحكمة، فإن ذلك أعطى دائني المشغلين متسعا من الوقت لتقديم مطالبات عينية.

تم الإعلان عن نية بيع السفن حسب الأصول المتبعة للبيع، وفي أوائل أكتوبر، تم بيعهما عن طريق مزاد في المحكمة. قبل إغلاق المزاد، أنهى المالك العقود بإخطار خطي لمشغليها. بعد بضعة أيام، تم تسليم السفينتين إلى مشتريها ودفعت عائدات البيع إلى المحكمة.

 

اقرأ أيضاً: ربان السفينة تلقي الضوء على بعض التعليمات السالمة لعمال الميناء

 

في غضون ذلك، قام عدد من دائني المشغل السابق بحماية مطالباتهم من خلال إصدار نماذج المطالبات العينية. ومع ذلك، لم تبدأ وكالة السفر المعنية، وهي من ضمن دائني المشغل السابق، الإجراءات حتى نوفمبر 2020، بعد عدة أسابيع من اكتمال بيع السفينتين أمام المحكمة. لذلك نشأ السؤال عما إذا كان يمكن تنفيذ مطالبة هذه الشركة بشكل صحيح عينيا ضد إجراءات بيع السفينتين.

القانون والحكم
عندما يكون الطرف المسؤول عن المطالبة هو مستأجر السفينة بمشارطة عارية، يجب أن يكون هذا الطرف لا يزال هو مستأجر السفينة “عند رفع الدعوى” حتى تكون السفينة التي نشأت بشأنها الدعوى مسؤولة قضائيا. لهذا الغرض، يتم رفع الدعوى عندما تصدر المحكمة استمارة الدعوى عينيا. هذه هي الطريقة التي ينفذ بها القانون الإنجليزي المادة 3 (4) من اتفاقية الحجز على السفن لعام 1952 باعتبار أن المملكة المتحدة هي طرف فيها. من الواضح، عندما أصدرت وكالة السفر الدعوى العينية، كانت السفينتان قد بيعتا منذ فترة طويلة ولم تعد تحت عقد التأجير.

ومع ذلك، أشارت وكالة السفر، وبناء على قضية سابقة، أنه يمكن رفع دعواها العينية ضد عائدات بيع السفينتين المدفوعة إلى المحكمة، على الرغم من أن الطرف المسؤول شخصيا، أي المشغل السابق للسفينيتن، لم يعد مستأجرا للسفينة عند الانتهاء من بيعها أمام المحكمة.

ومن ناحية أخرى، فإن ما استندت عليه وكالة السفر من قضية سابقة كانت تتعلق بدعوى شخصية ضد مالك سفينة وليس مستأجرها كما هي الحالة الآن. نظرت المحكمة هنا في التضارب الواضح بين المادة 21 (4) من قانون المحاكم العليا لعام 1981 (الذي ينص على أن الشخص المسؤول شخصيا يجب أن يكون مالك السفينة عند رفع الدعوى، وهو ما لن يكون كذلك بعد البيع القضائي) وبعض القضايا السابقة، وحلت هذا التناقض بالقول إنه يمكن رفع دعوى عينية ضد عائدات البيع فقط وكذلك ضد السفينتين، ولكن فقط إذا كان “الشخص المسؤول شخصيا هو مالك عائدات البيع”.

كانت مشكلة وكالة السفر هنا هي أن مشغلي السفينتين، على عكس القضايا السابقة الأخرى، لم يكن لديها مصلحة في عائدات بيعهما. وبالفعل، فقد تم إنهاء عقد تأجير مشغلي السفينتين قبل إتمام البيع أمام المحكمة. حتى لو لم يكن الأمر كذلك، فإن هذه العقود كانت ستنتهي بموجب القانون عند تسليمهما وفقا لسندات بيع المحكمة التي تنص على نقل الملكية “خالية من جميع الحقوق والديون على الإطلاق”، وترك المشغلين السابقين للسفينتين من دون مصلحة في عائدات المبيعات.

الدروس المستفادة
بموجب اتفاقية الحجز على السفن لعام 1952، يجوز لـ “المدعي البحري” (من بينهم موردي وقود السفن، أحواض إصلاح السفن، وكلاء السفن، وموردي قطع الغيار..إلخ) حجز سفينة بسبب ديون مستأجر السفينة بمشارطة عارية طوال فترة سريان عقد التأجير. 

ولا يمكن لمالك السفينة بالضرورة تجنب خطر الحجز بمجرد إنهاء عقد إيجار السفينة بسبب تخلف مستأجرها عن الدفع. وإلى أن يستعيد المؤجر حيازة السفينة فعليا، من المحتمل أن يستمر دائنو المستأجر في احتجازها. 

 

اقرأ أيضاً: في تعيينات المحكمين البحريين: هل الإفصاح والحياد في الإدعاءات المتداخلة واجب؟

 

خلاصة القول هنا، هي أن المالك الذي يؤجر سفينته بمشارطة عارية يجب أن يضع في اعتباره مخاطر أن مستأجره، في أسوأ الأحوال، يمكن أن يؤمن مستلزمات السفينة عبر الائتمان في الأشهر التي تسبق إعادة التسليم، وربما حتى تحويل أرباح الرحلات البحرية أو المؤجرة إلى مصلحته الخاصة، قبل قيام هؤلاء الدائنين بحجز السفينة قبل أن تتم عملية إعادة تسليمها عند انتهاء رحلتها النهائية. قد لا يترك هذا للمالك سوى خيار عملي ضئيل إلا سداد هذه المطالبات أو تقديم ضمانات بشأنها (على الرغم من عدم مسؤوليته عنها شخصيا)، قبل ملاحقة المستأجر السابق لخرقه تعهداته. هذا الحق سيكون ذا قيمة ضئيلة أو معدومة بالنسبة لمستأجر مفلس. كما أن الأمر لن يبدو جيدا عندما تكون هذه الادعاءات معروفة أو يُخشى أن تتجاوز قيمة السفينة. 

في مثل هذه الحالة، يمكن للمالك أن يقرر إما التخلي عن السفينة إلى مستأجرها أو احتجازها لاستعادة حيازتها قبل التقدم بطلب لبيعها قضائيا. الدرس المستفاد لدائني مستأجري السفن بمشارطة عارية هو أن السفينة التي يتم تزويدها بالسلع أو الخدمات لا يمكنها سوى توفير أي نوع من الضمان لمطالباتهم طوال فترة سريان عقد الإيجار. وحتى مع ذلك، فإن قيمة هذه الضمانة ستعتمد على مستوى وأولوية المطالبات المتنافسة. في نهاية المطاف، قد يمنح الحجز على السفن الدائنين التجاريين البحريين الذين يقدمون الائتمان إلى مستأجري السفن بمشارطة عارية، بعض النفوذ للحصول على أموالهم، لكن سيكون من غير الحكمة اعتبار أنفسهم دائنين مضمونين.

مجلة ربان السفينة، العدد 85، مايو/ يونيو 2023، قضية العدد، ص.54

 

اقرأ أيضاً

 العدد 85 من مجلة ربان السفينة

(May/ June 2023)

 

أخبار ذات صلة