سند الشحن وتطور النقل البحري في قطر
تظهر أهميَّة سند الشحن بسبب زيادة حجم الملاحة البحرية التي تتم بوساطة السفن التي تجري في البحار؛ حيث تُشيرُ الإحصائيات إلى أنها تزيد على 78% من حجم حركة التجارة الدولية، أضف إلى ذلك أن عدد السفن القادمة إلى دولة قطر يفوق 4500 سفينة بشكل سنوي. ويجب أن نُبينَ أن نسبة المياه في الكرة الأرضية تُشكل 71%، وفارق التكلفة بين النقل البحري والنقل الجوي كبير، حيث برهن النقل البحري قدرته على النقل لمسافات طويلة وبكميات ضخمة وبسعر يسير مُقارنة بالنقل الجوي. وهنا تكمن أفضلية النقل البحري، لذا كان ولا بد أن نحفظَ الحقوق التي تكون في وسط البحار والمُحيطات خاصة في موضوع نقل البضائع البحري.
فجاء المُشرّع الوطني ونظم سند الشحن في القانون رقم 15 لسنة 1980 المُتعلق بالقانون البحري بالباب الثالث في الفصل الثالث من المادة 143 إلى 183، كما أن المُشرع الدولي قد سبق ونظم ذلك في مُعاهدة بروكسل المُبرمة في 21-10-1924، ونادت الدول المُنضمة إلى توحيد بعض أحكام سند الشحن، أضف إلى ذلك نظمت اتفاقية الأمم المُتحدة للنقل البحري للبضائع 1978 مسألة الشحن البحري المعروف باسم (قواعد هامبورغ)، انتهاءً بالاتفاقية الأممية المُبرمة عام 2008 المعروفة باسم (قواعد روتردام). ويُعرف سند الشحن بأنه وثيقة نتجت بسبب الاتفاق على عقد نقل بحري للبضائع، فعقد النقل البحري للبضائع يولد سند الشحن، فهو إيصال يثبت عقد النقل البحري يصدر من الناقل (من يقوم بعملية نقل البضائع) إلى الشاحن (الذي يتولى شحن البضائع) بتسلمه البضائع على ظهر السفينة، فهو دليل خطي ووسيلة إثبات على شرعية حائزها. ويحرر سند الشحن من نسختين أصليتين تُعطى إحداهما للناقل والأخرى للشاحن وتكون نسخة الشاحن قابلة للتداول. وتوجد أشكال لسند الشحن هي السند الاسمي والسند لأمر والسند لحامله.
أما عن الإجراءات المُتبعة في تعبئة سند الشحن فيلتزم الشاحن بتقديم معلومات عن البضائع التي يريد شحنها من حيث العدد أو الكمية أو الحجم، ثم يقوم الناقل بتقييد هذه المعلومات في سند الشحن، فالشاحن مسؤول عن عدم صحة البيانات فيلتزم بالتعويض عن الأضرار الناتجة من جراء تقديم معلومات مُخالفة للحقيقة.
ويحق للناقل التحفظ في حالة شكه في المعلومات المُقدمة أو لم يكن يقدر على الكشف عليها عن طريق التحفظ، والهدف من التحفظ هو اتقاء المسؤولية في حالة وجود نقص أو تلف في البضاعة عند التسليم. ولا توجد صيغة معينة للتحفظ فيمكن ذلك عن طريق النص في سند الشحن بعبارة (غير معتمد – البضاعة مجهولة الوزن أو القيمة أو العدد أو المحتوى)، ويمكن للشاحن أن يتلافى التحفظ عن طريق إصدار خطاب ضمان يحفظ فيه الحقوق. وتُثار الإشكالية في حالة اكتشاف الرُبان بضائع غير مذكورة في سند الشحن على ظهر السفينة، فيحق للرُبان بأن يأمرَ بإخراجها أو نقلها بأجرة تُعادل أعلى أجرة لنفس النوع من البضائع أو رميها في البحر إذا كانت ستُسبب له ضررًا.
ولا شك أنه يجب أن نواكبَ تطوير آليات حفظ الحقوق وسرعة التقاضي، ولذلك لا بد من العمل على إعداد مشروعٍ جديدٍ للقانون البحري فهو يُعد قانونًا قديمًا شائخًا ساريًا إلى الوقت الحالي، حيث أصدر عام 1980، فالعصر الحديث يحتاج إلى آليات ووسائل مُتطورة نُغطي بها احتياجاتنا وعدم إعاقة سير عجلة الاقتصاد العالمي. وهنا يجب الإشارة إلى أهمية انضمام دولة قطر إلى الاتفاقيات الدولية المُتعلقة بالنقل البحري؛ حتى تسرع من ديمومة توفير الحقوق والالتزامات المُتبادلة بين الدول، لا سيما مع توسع وتطور الناقلات وقوة شركات التأمين وما توليه دولة قطر من اهتمامٍ كبيرٍ لقطاعها البحري. وقد تُوِجت هذه الجهود باحتلال ميناء حمد المرتبة الثالثة عالميًا من حيث كفاءة العمليات وَفقًا لتقرير مؤشر أداء موانئ الحاويات لعام 2021 الصادر عن البنك الدولي، واحتل ميناء حمد المرتبة الثالثة عالميًا من حيث كفاءة العمليات وَفقًا لمؤشر أداء موانئ الحاويات لعام 2021 الصادر عن البنك الدولي ومؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال ماركيت إنتليجنس.
عبدالرحمن السيد
اقرأ أيضاً | |
|