أسياد تستعرض استراتيجيتها للتوسع والنمو المستدام:
• الإلتزام بالحياد الصفري والتحول المدروس نحو الوقود المزدوج لضمان استدامة الأسطول
• التوسع في قطاع ناقلات البضائع السائبة وضمان الأمن اللوجستي عبر الإستثمار في سفن الحاويات
• ضرورة إلزام الموانئ بتوفير منشآت مجهزة لتفريغ مياه التوازن من السفن
مع بروز مجموعة أسياد كنموذج شرق أوسطي فريد من نوعه في مجال الصناعة البحرية، تعتزم المجموعة متابعة مسيرتها الواعدة عبر استراتيجيات التوسع والنمو المستدام. في لقاء مع "ربان السفينة"، يتحدث الدكتور إبراهيم النظيري، الرئيس التنفيذي لشركة أسياد للنقل البحري والحوض الجاف عن خطط الشركة لتوسيع أسطولها إلى حوالي 100 سفينة بحلول نهاية العام، وتعزيز قدرات الحوض الجاف عبر شراء حوض عائم جديد قبل عام 2027. كما جرت مناقشة فعالية بعض القرارات الصادرة عن المنظمة البحرية الدولية، بالإضافة إلى التزام الشركة بمبدأ الحياد الصفري عبر استخدام الوقود البديل، وعزمها على تحويل أسطولها بالكامل إلى العمل بنظام الوقود المزدوج بحلول العام 2032.
في البداية، كيف تصفون مرحلة توسع ونمو أسياد خلال السنوات القليلة الماضية؟
توسعنا دائما كان مدروسا، حيث انطلقت خطتنا الاستراتيجية من عام 2020 وستستمر إلى 2025؛ وخططنا في العادة تكون متوسطة الأجل ونركز فيها على قراءة تحديات السوق واحتياجاتها وملاءمة نوعية السفن للسوق والطلب العالمي. في 2019 كان لدينا حوالي 15 ناقلة نفط خام عملاقة VLCC. لكن الأسطول يتقدم بالعمر بطبيعة الحال، واليوم نحن بحاجة إلى أن يكون لدينا أسطول شاب لكي يسمح لنا بالمنافسة في السوق، وهذا يعود لعدة أسباب من ضمنها المتطلبات البيئية ومتطلبات المنظمة البحرية الدولية IMO، بالإضافة إلى حاجة السوق وعدد السفن الموجودة فيها، وعدد السفن التي ستخرج منها، فضلا عن تلك التي تذهب إلى بعض الملاك ليستخدموها لاحتياجاتهم الخاصة.
وبالنسبة لنا، نحن نعمل بمبدأ الإيجار طويل الأمد، ولدينا بعض السفن التي نضعها في الخدمة للاستفادة من تقلبات السوق، وقد دخلنا في خطة تجديد الأسطول في 2019 واستلمنا أول سفينتين في العام 2021 والثالثة في 2022، هذا بالنسبة لناقلات VLCC. فسوق ناقلات النفط يتغير باستمرار بسبب الأوضاع الجيوسياسية العالمية، حيث أصبح هناك طلب أكثر من العرض على السفن من هذا النوع، وأيضا الأسطول الموجود من هذا النوع من السفن في العالم يصبح قديما، ويوجد عدد كبير منها ستخرج من الخدمة وهناك حاجة لتجديد الأسطول. لكن أحواض بناء السفن لا تستطيع بناء عدد السفن نفسه الذي سيخرج من السوق، وبالتالي نتوقع أن يكون هناك إشكالية في توفر ناقلات النفط الخام العملاقة VLCC على مدى العشر سنوات القادمة.
ولهذا كان هدفنا أن يكون أسطولنا جديدا ومنافسا، وفي الوقت نفسه أن يكون لدينا العدد الكافي من السفن مما يضمن لنا موقعا مهما في السوق، ولذلك قمنا مؤخرا بتوقيع اتفاقية مع شركة Hanwha Ocean لبناء أربع ناقلات نفط خام عملاقة VLCC، ونتوقع أن يكون التسليم في نهاية 2026 وبداية 2027.
ماذا عن كونكم أول جهة بحرية في الشرق الأوسط تنجز تقرير البيئة والمجتمع والحوكمة ESG؟
إنّ توجهنا هذا ينبع من التوجه العام للبلد عبر رؤية عمان حول الحياد الصفري بحلول 2050، بالإضافة إلى أننا كشركة حكومية وعالمية في الوقت نفسه، نحاول بقدر الإمكان أن تكون سفننا صديقة للبيئة بشكل أفضل وأسرع. وهذا له بعد تجاري وبعد بيئي، فالشركات المستأجرة ستضع المتطلبات البيئية في عين الإعتبار، مما سيعطينا أولوية في السوق، كما إننا نريد أن نكون أيضا مساهمين في الحفاظ على البيئة. وأسطولنا فيه السفن القديمة والسفن الجديدة، ونحاول قدر الإمكان ألا يصل عمر أسطولنا إلى 15 سنة، حيث إن كلفة صيانة السفن وتشغيلها بالإضافة إلى الإنبعاثات الضارة الصادرة عنها ستكون أكبر عندما يتعدى عمرها 15 سنة، لهذا فالتنافسية في السوق ستكون اقل.
وبالنسبة لناقلات الغاز الطبيعي المسال LNG Carriers، فقد وقعنا في نهاية 2022 إتفاقية لبناء ناقلتي غاز، وترتبط هاتان الناقلتان بعقد طويل الأجل مع لاعب معروف في الصناعة. فالاستثمار كبير جدا في ناقلات الغاز، وربط هذه الناقلات بعقود طويلة الأجل يعطينا تنافسية في السوق. لدينا اليوم ست ناقلات غاز كبيرة بالإضافة إلى هاتين السفينتين، ويوجد خطط للتوسع فيما يتعلق بأسطول ناقلات الغاز لدى الشركة، كما لدينا خطة لتحديث أسطولنا من ناقلات النفط، لا سيما ناقلات المشتقات النفطية. أما بالنسبة لناقلات البضائع السائبة فقد دخلنا في 2019 في هذا المجال، حيث اشترينا سبع سفن من نوع UltraMax في 2017 ولدينا خطط للتوسع فيه.
ماذا عن خطط التوسع خلال الأعوام المقبلة؟ وهل ترتبط خطط التوسع هذه بتاريخ معين؟
يمكن أن يتم التوسع إما من خلال بناء سفن جديدة، أو شراء سفن حديثة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات، فالسنة الخامسة هي سنة الصيانة الأولى. لذلك، نفضل أن تكون السفن معنا لكي نقوم بصيانتها في الحوض الجاف التابع لأسياد في الدقم، وبذلك نتعرف على احتياجات السفينة ووضعها. لدينا خطة استراتيجية نعمل عليها كل خمس سنوات، من خلالها نحدد عدد السفن التي نخطط لشرائها. بشكل عام، تعتبر أسياد شركة ناقلات نفط لأن هذا النوع من الناقلات يشكل أكثر من %45 من أسطولنا، بالإضافة إلى أن أسطولنا يتميز بالتنوع والتوسع مما يتيح لنا التوجه نحو قطاعات أخرى.
عبر قراءتنا للسوق خلال الفترة الماضية اتضح أنه كان يجدر بنا أن نستثمر في سفن الحاويات في العام الماضي 2023، ولكن وضع سوق سفن الحاويات في العام الماضي لم يكن مشجعا على الإستثمار، كما أن الوضع الجيوسياسي في المنطقة صعب. واليوم وضع سوق الحاويات أفضل من العام الماضي لكنه لا يزال حساسا بشكل كبير، كما إنّ توجهنا إلى قطاع سفن الحاويات محدود، ويهدف إلى أن يعطي للبلد الأمن الاستراتيجي من ناحية النقل اللوجستي، ولكن مجالنا الأساسي يبقى في ناقلات النفط. وقطاع المواد السائبة يعتبر أيضا داعما كبيرا، فالسوق العماني واعد جدا في مجال ناقلات البضائع السائبة ونريد أن نستفيد من الإمكانيات الموجودة فيه ولهذا نريد أن نستثمر في هذا المجال.
عندما نتكلم عن التوسع، ما هو الهدف الذي تسعون لتحقيقه على المستوى العالمي خصوصا في قطاع النفط والغاز؟
اقرأ أيضاً:أسياد العمانية تتطلع لشراء وتشغيل موانئ في ماليزيا والهند وأفريقيا TT Club |
اختيار اسم أسياد لم يأت من فراغ، وعمان لها تاريخ بحري قديم حيث كانت امبراطورية تسود البحار، ولديها أسطول كبير جدا سواء تجاري أم عسكري، ولهذا نحن في أسياد نهدف إلى أن تكون عمان في مصاف الدول المتقدمة في مجال النقل البحري، ولدينا الإمكانيات اللازمة لذلك. فأسياد تمثل الذراع اللوجستي لسلطنة عمان ونحن اليوم نعمل على جعل القطاع اللوجستي متواصلا مع جميع أنحاء العالم عبر ربط الموانئ العمانية ببعضها وربطها أيضا بالموانئ العالمية في مختلف الاستخدامات، ولدينا أيضا هدف آخر وهو تشجيع الشباب العماني على العمل في هذا المجال، فهو مجال واعد جدا والدول تبنى بسواعد أبنائها.
حاليا هناك تركيز على ضرورة التوعية حول الاستدامة والانبعاثات الصفرية والوقود البديل. كيف تقيمون وعي اللاعبين في الصناعة البحرية حول أهمية الاعتبارات البيئية؟
إسهامات القطاع البحري في الانبعاثات تشكل أقل من %3، ومع ذلك فمن واجبنا أن نحاول تخفيفها، لكن هذا التخفيف يجب أن يتم بشكل مدروس، فقطاع النقل البحري قطاع حساس جدا، وبناء أو شراء سفينة يكلف عشرات الملايين وبالتالي يجب أن يكون هناك مردود تجاري. البيئة مهمة جدا ومن واجبنا حمايتها، لكن لكي نقوم بذلك يجب ألا نضحي بأشياء أخرى، فحوالي %90 من التجارة العالمية تتم عبر البحر، وبالتالي إذا تأثر نقل البضائع عن طريق البحر سيتأثر العالم كله بشكل سلبي وسوف تكون هناك نتائج عكسية لجهود الحفاظ على البيئة.
ولذلك، يجب أن تكون توجهاتنا كشركات نقل بحري في مسألة التحول إلى الوقود البديل والسفن الصديقة للبيئة مدروسة بشكل جيد. فمن خلال قراءتي المتواضعة للسوق لاحظت أن هناك بعض الشركات الكبيرة توجهت إلى طلب سفن قد لا تحتاجها خلال السنوات العشر القادمة، لكنهم قاموا بذلك لأنهم رفعوا معاييرهم، والشركات الصغيرة الآن لا تستطيع الوصول للمرحلة التي وصلت إليها هذه الشركات من ناحية توفير السفن الصديقة للبيئة بسبب سعرها، وأيضا بسبب قلة وجود الموانئ المجهزة بالبنية التحتية اللازمة للتزود بالوقود بالنسبة للسفن التي تعمل بالغاز الطبيعي أو الأنواع الأخرى من الوقود البديل.
كيف تنظرون إلى مسألة قيام المنظمة البحرية الدولية بوضع تواريخ معينة للتحول نحو آليات الاستدامة في القطاع البحري؟ وما هو توجهكم فيما يتعلق بالوقود البديل؟
بعض القرارات الصادرة عن المنظمة البحرية الدولية للأسف يمكن أن تؤخذ من منظور أحادي وهذا سوف يؤثر على الصناعة بشكل عام، فالشركات الكبيرة والمعروفة ستقوم بتنفيذ هذه القرارات، ونحن سنتعامل معها على أنها مسألة قانونية وسنقوم بتنفيذها. لكن في المقابل هناك أيضا بعض اللاعبين الذين لن يأخذوا هذه القرارات بجدية وسيعملون على إيجاد طرق للتملص من تنفيذها، وهنا ستغيب مسألة العدالة في تنفيذ القرارات. بالإضافة إلى ذلك، فإن القطاعات المتصلة بقطاع النقل البحري يجب أن تكون ملزمة بالقرارات نفسها التي يلزم بها هذا القطاع. فمثلا بعض القرارات قد تلزم السفن بتفريغ مياه التوازن في الموانئ، لكن إلى حد الآن الموانئ غير ملزمة بتوفير المنشآت اللازمة لهذه العملية، وبالتالي قد تضطر السفن في النهاية إلى تفريغ هذه المياه في البحر.
وبالنسبة للتحول إلى الوقود البديل، كل سفننا الجديدة سوف تعمل بالوقود المزدوج Dual-Fuel أو الوقود المزدوج الجاهز Dual-Fuel Ready، وبحلول عام 2032 تقريبا ستكون جميع سفن أسطولنا من هذا النوع. ونعتمد في الوقت الحالي على الغاز الطبيعي كوقود بديل لكن ربما في حلول 2027 أو 2028 سوف نفكر بالخيارات الأخرى كالأمونيا أو الميثانول حسب توفر البنية التحتية.
ما هي رؤيتكم لأداء شركة أسياد للأحواض الجافة بشكل عام وخاصة في العام الماضي والنصف الأول من العام 2024؟
أداء الشركة يسير بشكل ممتاز، في العام الماضي كانت نسبة استخدام الرصيف الجاف فوق %98 وقد استنفذنا جميع الفتحات الموجودة في الحوض تقريبا، وقد اشترينا حوضا عائما بغرض المساعدة في توسيع عمليات الحوض الجاف، واتضح أنه حتى مع شرائنا للحوض العائم لا زال هناك الكثير من الفرص التي يمكن الاستفادة منها. ولهذا ممكن أن يكون هناك توسع مستقبلي أكبر من ناحية شراء حوض عائم آخر خلال الخطة الخمسية القادمة أي بين 2025 و2029، وأعتقد أن عملية الشراء ستتم قبل 2027. كما دخلنا بالفعل في مجال التصنيع، فخلال العام الماضي قمنا بتسليم سفينتي أوفشور صغيرتين، وهذه السنة قمنا بتسليم سفينة صيد بمواصفات عالمية لشركة محلية، ولدينا توجه للدخول في هذا المجال.
كما إن مدينة الدقم سوف تكون بمثابة المركز الأخضر لسلطنة عمان، وفي الفترة الأخيرة تأثر قطاع صيانة السفن في منطقة الخليج بسبب الوضع في البحر الأحمر، فالكثير من السفن تحول مسارها وتعبر عن طريق رأس الرجاء الصالح متجهة إلى الصين أو سنغافورة، ولكن مع ذلك فنحن نرى أن ذلك التأثير سطحي بسبب علاقتنا الممتازة مع ملاك السفن اليونانيين. أيضا موقع الحوض الجاف في الدقم على خط التجارة العالمي قد أعطانا فرصا أفضل من تلك الموجودة لدى منافسينا في المنطقة، لأن المنطقة آمنة وواقعة خارج البحر الأحمر، ولهذا يوجد لدينا بعض المميزات التي تميزنا عن بعض الأحواض الجافة في المنطقة.
ما هي رؤيتكم للمرحلة المقبلة من حيث الفرص والتحديات؟
نحن متفائلون جدا ولدينا خطط كثيرة وطموح كبير، ففي عام 2022 كان أسطولنا يضم حوالي 47 سفينة، واليوم عدد السفن التي نملكها ونشغلها بلغ 91 سفينة، ومن المتوقع أن نتخطى 100 سفينة في نهاية العام. كما أن أداء الشركة المالي خلال السنوات الماضية كان ممتازا جدا ووضعها الاقتصادي يسمح لها بالاستثمار بكل أريحية. وبالنسبة للحوض الجاف فالمشاريع كثيرة، وهذا يعود بشكل كبير إلى متطلبات المنظمة البحرية الدولية التي تؤدي إلى تنشيط عمليات الصيانة والتطوير والتعديل التحديثي، والتي تجري بطبيعة الحال في الأحواض الجافة، كما نأمل ألا يستمر الوضع في البحر الأحمر على ما هو عليه إلى أمد طويل. ولدينا خطط بشأن أنشطة أخرى في الحوض الجاف والتي سوف تزيد من دخل الحوض، وبشكل عام أعتقد أن التنمية في الحوض الجاف وفي النقل البحري هي تنمية مستدامة جدا، سواء اقتصاديا أم تجاريا، وأيضا عملية تنمية رأس المال البشري تجري بشكل ممتاز.
مجلة ربان السفينة، العدد 93، سبتمبر/ أكتوبر 2024، لقاء بحري، ص. 10