تقوم المراكز البحثية العالمية التخصصية ومؤتمر التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة (أونكتادUNCTAD ) مع نهاية كل عام بإصدار تقاريرها السنوية عن صناعة النقل البحري العالمية. هذا العام، أشار تقرير أونكتاد إلى تراجع في النقل البحري العالمي بسبب جائحة كورونا وبما يزيد قليلا عن 4%؛ فقد بلغ حجم التجارة المنقولة بحرا نسبة 83% من إجمالي حجم التجارة العالمية وهو يساوي في الوقت ذاته نسبة 70% من قيمتها. كما أكد التقرير أن إجمالي وزن التجارة المنقولة بحرا بنهاية العام 2020 كان في حدود 10 مليار طن تقريبا بالمقارنة مع أزيد من 11.076 مليار طن نُقلت بحرا خلال العام 2019، وتجدر الإشارة إلى أن التراجع في النقل البحري العالمي خلال العام 2020 قد قابله نمو طفيف خلال العام 2019 عند نسبة 0.5%.

لقد بلغ وزن البضائع المنقولة في الحاويات حول العالم بنهاية العام 2020 حوالي 1.6 بليون طن تقريبا، وتشير آخر الإحصاءات الرسمية إلى أن ثلثي هذه البضائع حول العالم قد تم نقلها من وإلى موانئ شرق وجنوب شرق آسيا، فيما توزع الثلث المتبقي كالآتي: موانئ أوروبا 16%، موانئ أمريكا الشمالية 8%، موانئ أمريكا الجنوبية 7%، وموانئ أفريقيا 4% فقط. حوالي 39 % من إجمالي حركة سفن الحاويات حول العالم قد استأثرت بها موانئ الصين وحدها، وهذا طبيعي بحكم أن أول تسعة موانئ حاويات من حيث حركة الشحن والتفريغ في العالم تقع في شرق وجنوب شرق آسيا. والجدير بالذكر أن التراجع قد شمل جميع الخطوط وبالاخص الخطين الرئيسيين:

-الأول: الرابط بين موانئ شرق وجنوب شرق آسيا وموانئ شمال غرب أوروبا مرورا بالبحر المتوسط والمعروف بخط شرق-غرب. – الثاني: الرابط بين موانئ شمال أوروبا وموانئ غرب وجنوب غرب افريقيا والمعروف بخط شمال – جنوب.

كما أشارت الإحصائيات نفسها إلى أن نسبة 20% من إجمالي الحاويات حول العالم قد نقلت مواد كيماوية، وأن نسبة 15% منها قد نقلت مواد غذائية ومشروبات، و13% لمنتجات نهائية جاهزة للاستهلاك، وأن نسبة 11% منها كانت قد نقلت منتجات الأخشاب.

الخط الملاحي MAERSK.. في المقدمة
تشير الأرقام إلى أن الأسطول العالمي البحري لنقل الحاويات من جميع الأحجام والطرازات بلغ في نهاية العام 2020 حوالي 5364 سفينة صعودا من 5158 و5164 و5269 سفينة بنهاية الأعوام 2017، 2018، و2019 على التوالي، فيما بلغت نسبة الأسطول العالمي البحري لنقل الحاويات 16.5% بنهاية العام 2020 صعودا من 13.4% من إجمالي الأسطول العالمي والتي كان قد سجلها في نهاية العام 2019؛ هذا بدوره شكل ضغطا متزايدا على أسعار النولون البحري لهذا النوع من النشاط. وبشيء من التفصيل، فقد حققت الشركات الملاحية العشر الكبرى قدرة مشتركة بامتلاك وتأجير أكثر من 3000 سفينة، وبسعة إجمالية تجاوزت 20 مليون حاوية نمطية، وبالتالي فإن هذه الأرقام تمثل نسبة 82% تقريبا من إجمالي الطاقة الكلية لسفن الحاويات حول العالم. أما على صعيد ترتيب الشركات الناقلة العشر الكبرى 2019 فقد بقيت قريبة من ترتيب العام 2019، وبعبارات أوضح فقـد حافظ الخط الملاحي الدانماركي MAERSK على صدارة الناقلين العالميين بل وزاد من حصته خلال العام 2020 إلى 18.1% من حجم سوق النقل البحري العالمي للحاويات. وقد حققت نموا فصليا في عدد الحاويات المنقولة بحرا وبنسبة 3.6% خلال الربع الثالث بعد أن سجلت تراجعا خلال الربعين الأول والثاني من العام 2020.

الترتيب
وفي سياق متصل، قفز خلال العام 2020 خط COSCO الحكومي الصيني إلى المركز الثاني عالميا وبحصة سوقية بلغت 15%، يليه الخط الملاحي السويسريMSC في المرتبة الثالثة باستحواذه على 13.8% من الحصة السوقية العالمية مدعوما بعمليات شراء كبرى خلال العام 2020 والتي بلغت 19 سفينة حاويات مستعملة، في حين حافظ الخط الملاحي الفرنسي CMA CGM على مركزه الرابع وبحصة سوقية وصلت إلى 13.6%. بدوره، حافظ الخط الملاحي الألماني Hapag Lloyd على مركزه الخامس حيث استحوذ على نسبة 11% تقريبا من الحصة السوقية للنقل البحري العالمي للحاويات، وبقي الخط الملاحي الياباني ONE في مركزه السادس عالميا وبحصة قدرها 9% تقريبا.

أما الخط الملاحي التايوانيEvergreen فقد حافظ على مركزه السابع وذلك باستحواذه على نسبة 8.4%من الحصة السوقية العالمية، فيما حل الخط الملاحي التايواني الآخر Yang Ming في المرتبة الثامنة بعد استحوذاه على حصة قدرها 2.6%، فيما حل الخط الملاحي الكوري Hyundai في المرتبة التاسعة بعد أن كان في المركز العاشر عالميا في نهاية العام 2019 وبحصة سوقية بلغت 2.4%. وأخيرا، جاء الخط الملاحي السنغافوري PIL في المركز العاشر بعد أن كان في المركز التاسع عالميا في نهاية العام 2019 وبحصة سوقية بلغت 2% من السوق العالمية للحاويات المنقولة بحرا. ومن جانب آخر ومع نهاية العام 2020، فقد استقرت التحالفات العالمية Alliances على حالها، ومنذ العام 2018 وعند ثلاثة تحالفات عالمية، ظلت هذه التحالفات تسيطر على أكثر من 76% من السوق العالمية لنقل الحاويات، بل واحتكرت الطرق الرئيسية المعروفة لنقل الحاويات بحرا وبنسبة زادت عن 90%، وفي كل الاحوال فإن عدد الحاويات المنقولة بحرا يظل ولسنوات يحوم حول 226 مليون حاوية.

ملاك السفن
ومن حيث جنسية ملاك السفن فلا زال اليونانيون ثم اليابانيون ثم الصينيون الأكثر عددا من بين كل جنسيات ملكية للسفن، كما أن أعلام بنما وليبيريا وجزر المارشال وهونغ كونغ وسنغافورة على التوالي هي المرغوبة لتسجيل السفن حول العالم، كما تجدر الإشارة أيضا الى النمو الواضح لتسجيل السفن الصينية في موانئها الوطنية والذي جعلها تحتل المركز السابع عالميا في نهاية العام 2020 صعودا من المركز العاشر الذي كانت تحتله في العام 2019.

حمولات سفن الحاويات
لقد كان الطلب على بناء سفن حاويات جديدة خلال العام 2020 ضعيفا وعند نسبة 1% بالمقارنة مع نسبة 6% في العام 2018 و2.6% في العام 2016 على التوالي، يُذكر أنه ومع نهاية شهر سبتمبر عام 2019، كسرت سعة الأسطول العالمي البحري لنقل الحاويات حاجز 23 مليون حاوية نمطية كأكبر رقم قد تم تسجيله حتى يومنا الحاضر، وفي مقابل ذلك بلغت سعة سفن الحاويات التي تم تخريدها خلال السبعة أشهر الأولى من العام 2020 أكثر من حمولة 190.000 حاوية نمطية، وهو ما يعادل زيادة قدرها 34% عن الفترة نفسها من العام 2019.

يأتي هذا بعد أن شهدت عمليات التخريد تراجعا خلال أشهر مارس وأبريل ومايو من العام 2020 ثم عادت لترتفع وبقوة خلال الأشهر التالية وبالأخص خلال شهري يونيو ويوليو ليصل حجم الفراغات المخردة في كل شهر منها إلى 50,800 و52,600 على التوالي. وقد تصدرت أحواض ومرافئ بنغلاديش قائمة المخردين تلتها الهند وباكستان، وفي المجمل فقد شهد قطاع تخريد السفن تراجعا ملحوظا خلال العام 2020 وبنسبة قدرها 14%على أساس سنوي بسبب جائحة كورونا، وتفاوتت نسب تراجع السفن المخردة في أحواض الدول المذكورة بين 22 و31%.

ومن جانب آخر، وبسبب الجائحة أيضا فقد تراجعت أعداد السفن التي ترتاد الموانئ العالمية، بل وأُجبرت على البقاء على المخطاف لمدة أسبوعين كاملين قبل دخولها لأي ميناء. وشهد النصف الاول من العام 2020 تراجعا في حركة سفن الحاويات وبنسبة 6% على أساس سنوي، فيما تراجعت نسبة حركة سفن الصب إلى 10%، في حين كانت سفن الدحرجة هي المتضرر الأكبر من الجائحة، حيث بلغت نسبة التراجع في حركتها بين الموانئ إلى 23% على أساس سنوي.

لقد شهد النقل البحري العالمي بين مطلع شهر فبراير وحتى نهاية شهر مايو تراجعا كبيرا بسبب جائحة كورونا، ووصلت نسبة التراجع إلى 15% بالمقارنة مع الفترة نفسها عن العام 2019. وبشيء من التفصيل فقد توقفت 402 سفينة حاويات تماما عن العمل Laid up وبحمولة إجمالية بلغت 2.46 مليون حاوية نمطية مع بداية شهر مارس 2020، لتزداد هذه الأرقام في منتصف شهر مايو إلى 524 سفينة خاملة Laid up وبحمولة إجمالية بلغت 2.65 مليون حاوية نمطية، وهو ما يشكل أكثر من 12.5% من حجم الإسطول العالمي لنقل الحاويات بحرا وبزيادة بلغت أكثر من 7.7% عن العام 2019، تبعه إلغاء أكثر من ثلث الرحلات المجدولة بين موانئ شرق وجنوب شرق آسيا وموانئ شمال غرب أوروبا والبحر المتوسط، وإلغاء أكثر من 59% من الرحلات المجدولة بين موانئ شرق وجنوب شرق آسيا وموانئ قارة أمريكا الجنوبية.

من جانب آخر، ووفقا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن هيئة قناة السويس، فإن إجمالي عدد سفن الحاويات التي عبرت المجرى الملاحي خلال العام 2020 بلغت 18829 سفينة منها 4710 سفينة حاويات، في مقابل عبور 18880 سفينة منها 5375 سفينة حاوية خلال العام 2019، وبالتالي فإن هذه الإحصائيات تؤكد أن عبور السفن خلال قناة السويس لم يتأثر كثيرا بالجائحة. وبالرغم من تراجع أعداد سفن الحاويات العابرة للقناة خلال العام 2020 إلا أنها لا زالت تحتل المركز الأول بين كل أنواع السفن التي تعبر هذا المجرى الملاحي المهم.

أما من منظور أحجام السفن العابرة للقناة فإنه بحلول الأسبوع الأخير من شهر أبريل 2020 عبرت القناة في اتجاه البحر المتوسط وموانئ غرب أوروبا أكبر سفينة لنقل الحاويات في العالم HMM Algeciras والتابعة للعملاق الكوري، والتي صُممت لتحمل أكثر من 23.756 حاوية نمطية وبوزن 234000 طن حجمي. كما عبرت في الثالث والعشرين من أكتوبر وفي اتجاه الشرق الأقصى السفينة CMA CGM Jacques Saadé كأول سفينة حاويات في العالم من الحجم الكبير وتعمل بالغاز الطبيعي، وهي سفينة من بين 8 سفن كان قد تعاقد العملاق الفرنسي على اقتنائها، وقد أوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في جمهورية مصر العربية أن قيمة إيرادات قناة السويس بلغت 575.2 مليار جنيه في آخر 10 سنوات، يُذكر أن أعلى إيراد حققته القناة في تاريخها كان في نهاية العام 2019 بمبلغ إجمالي وصل إلى 5.8 مليار دولار مقارنة مع 5.3 و5.7 مليار دولار تم تحصيلهما خلال عامي 2017 و2018 على التوالي.

تراجع أسعار أجور النقل
أما فيما يخص أسعار أجور النقل (النولون البحري Freight)، فقد حققت الأسعار انتعاشا طفيفا خلال العام 2020 ، وقد وصلت أسعار النولون للوحدة النمطية سعة 20 قدمًا من موانئ الصين الى موانئ البحر المتوسط الى أكثر من 850$ في نهاية العام بعد أن كانت عند 822$ في نهاية العام 2019، ومن موانئ الصين إلى موانئ شمال غرب أوروبا إلى أكثر من 900$ في نهاية العام 2020 بعد أن كان عند 867$ مع نهاية العام 2019. يُذكر أن سعر النولون عند هذا الخط المهم قد سجل أقـل مستوى له في نهاية الربع الأول من العام 2016 عند 680$، في حين انخفضت أجرة النقل من موانئ الصين إلى سنغافورة إلى 70$ فقط في نهاية الربع الأول من العام 2016، وبلغت 148$ مطلع العام 2019.

في المجمل يمكننا القول إن النقل البحري العالمي للحاويات قد حقق أرباحا فصلية طفيفة وبالتحديد خلال الربعين الثالث والرابع فقط من العام 2020 وذلك بسبب جائحة كورونا، لكن تبقى هذه الارباح أقل من نظيراتها عن الفترة نفسها من العام 2019، وأن أرباح شركات النقل البحري للحاويات لن تصل للأرباح التي سجلتها في نهاية العام 2018 والتي بلغت حينها 7 مليار دولار أمريكي.

تشغيل موانئ وأرصفة الحاويات
أما على مستوى الموانئ، وبحسب تقارير مركز أبحاث Drewry، فقد سجلت موانئ العالم انخفاضا في معدل التداول خلال العام المنقضي والذي يُعد العام الأسوأ منذ العام 2016 والثاني منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008.

إجمالا، شهدت موانئ العالم تراجعا كبيرا في معدل مناولة الحاويات وبالأخص في الثلث الأول من العام 2020 مع تفشي فيروس كورونا والاحتفالات برأس السنة الصينية، والتي شهدت تراجعاً بلغ 53% وبالتحديد خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل بحسب بيانات IAPH. لكن النمو الكبير في الربعين الثالث والرابع ساهم في محو أغلب خسائر الربعين الأول والثاني، فعلى سبيل المثال ناولت الموانئ الصينية مجتمعة منذ مطلع العام 2020 وحتى نهاية شهر أكتوبر منه 217 مليون حاوية، مقابل مناولتها ل218 مليون حاوية عن الفترة نفسها خلال العام 2019.

وفي المقابل فقد سجل ميناء شنغهاي الصيني خلال العام 2020 ثلاثة أرقام قياسية في عدد الحاويات التي ناولها، وحقق رقماً قياسياً في عدد الحاويات التي ناولها خلال يوم واحد والبالغة 149.565 حاوية وذلك بتاريخ 30 يوليو 2020، ورقما قياسيا آخر في عدد الحاويات التي ناولها خلال شهر واحد والبالغة 4.2 مليون حاوية خلال شهر أكتوبر 2020، ورقم ثالث بمناولته ل43.5 مليون حاوية خلال عام واحد. ومن جانب آخر فقد تصدرت COSCO الصينية قائمة نمو المشغلين خلال العام 2020 وبنسبة نمو سنوي تقريبي بلغت 5% تلتها موانئ سنغافورة وبنسبة نمو سنوي تقريبي بلغت 4.8% ثمAPM وبنسبة نمو سنوي تقريبي بلغت 4.5% فيما لم تحقق هوتشيسون أي نمو يُذكر خلال العام 2020. هذا وتراجع نمو موانئ دبي بنسبة 0.6% خلال العام نفسه. الجدير بالذكر أن شركات المناولة العالمية حققت تحسنا في أدائها خلال العام 2020 حيث انحسر متوسط زمن مكوث السفن بالموانئ إلى أقل من يوم واحد، وبالتحديد 23 ساعة و18 دقيقة.

وبحسب إحصائيات أونكتاد الرسمية، فإن 21 شركة تقوم بتشغيل أكثر من 80% من موانئ الحاويات حول العالم على رأسها COSCO الصينية وبنسبة بلغت 13.7% تليها موانئ سنغافورة وبنسبة بلغت 10.6% ثم APM وبنسبة 10.5%، ثم هوتشيسون وبنسبة بلغت 10.3%، فيما حلت موانئ دبي العالمية خامسة وبنسبة بلغت 8.7%، ولقد ناولت أول 21 شركة مجتمعة ما مجموعه 645.8 مليون حاوية خلال العام 2019.

أما فيما يخص مؤشر الربط العالمي بين الخطوط الملاحية وموانئ الحاويات، فقد أوضحت الإحصائيات أن ميناء جبل علي في دولة الإمارات العربية قد حقق أعلى نسبة صعود في المؤشر، وذلك في الفترة الواقعة بين عامي 2006 و2020 يتبعه ميناء كولومبو في سريلانكا ثم ميناء فالنسيا الإسباني يليهم ميناء طنجة المغربي. وفي السياق نفسه فقد حل ميناء طنجة المغربي كأول ميناء في قارة أفريقيا وللعام الثاني على التوالي كأكثر الموانئ الإفريقية ربطا مع الخطوط الملاحية، يليه ميناء شرق بورسعيد المصري، ثم ميناء دوربان بجنوب أفريقيا، في حين لا زال ميناء شنغهاي الصيني ولعدة سنوات يتربع على عرش هذا المؤشر.

من جانب آخر، فقد أكدت شركة PSA المشغلة لميناء ميرسون التركي MIP أنها كسرت حاجز مناولة 2 مليون حاوية نمطية خلال العام 2020 وهو بالمناسبة رقم غير مسبوق في الموانئ التركية. وفي ذات السياق ووفقا لإحصائيات رسمية صينية، فقد ناول ميناء شنغهاي 43.5 مليون حاوية خلال العام 2020 بالمقارنة مع 43.3 و38.9 و37.6 مليون حاوية كان قد ناولها خلال الأعوام 2019 و2018 و2017 على التوالي، ليحافظ على مركزه الأول للسنة 11.

ووفقاً لتقارير أونكتاد فإن نسبة الموانئ الآسيوية التي حازت على تراتيب ضمن أول 20 ميناء حاويات حول العالم وصلت إلى 16 ميناء وهو ما يعادل نسبة 80%، وجاءت موانئ شرق آسيا وجنوب شرق آسيا في المراكز التسعة الاولى عالميا، في حين حل ميناء جبل علي الإماراتي في المركز الحادي عشر، وميناء بورت كلانق في المركز الثاني عشر، وموانئ زيامين وكاوهيسونغ في المركزين 14 و15 تواليا، وجاء ميناء تانجونق بيليباس الماليزي في المركز الثامن عشر، وميناء داليان الصيني في المركز التاسع عشر، وميناء ليم تشابانغ التايلاندي في المركز العشرين عالميا.

تصفح العدد 71 من مجلة ربان السفينة

أما نسبة الـ 20% المتبقية، وهي تعادل 4 موانئ، فقد توزعت بين قارتي أوروبا وأمريكا الشمالية وعلى النحو الاتي: حل ميناء روتردام في الترتيب 10 عالميا، وميناء أنتويرب في المركز 13 عالميا، وميناء لوس انجيليس في المركز 16 عالميا، وميناء هامبورغ الألماني في المركز 17 عالميا. من حيث ترتيب موانئ الحاويات عالميا (قائمة أول مائة ميناء)، فقد استحوذت الصين وحدها على 6 من بين أول عشرة موانئ في العالم وجاءت الموانئ الصينية في المراكز الأول: والثالث والرابع والخامس والسابع والتاسع، في حين حل ميناء سنغافورة ثانيا وبوسان الكوري الجنوبي سادسا وهونغ كونغ ثامنا، أما الموانئ العربية فقد تذبذبت مراكزها خلال العام المنقضي وإن سجلت أغلبها نتائج إيجابية، فقد صعد ميناء صلالة العُماني من المركز 51 الى المركز 44 عالمياً، وميناء طنجة المغربي من المركز 47 الى المركز 35 عالميا، وميناء بورسعيد المصري من المركز 57 الى المركز 46 عالمياً، وميناء خليفة في إمارة أبوظبي من المركز 75 الى 71 عالميا، فيما حافظ ميناء الملك عبدالله السعودي على مركزه 87 عالميا، ودخل ميناء الدمام السعودي أيضا قائمة المائة وحل في المركز 93 عالميا، في حين هبط ميناء جبل
علي من المركز العاشر إلى الحادي عشر عالميا، وميناء جدة من المركز 40 الى المركز 41 عالميا، وخلال العام 2020 غادر ميناء خورفاكان الإماراتي العربية قائمة أول 100 ميناء حاويات في العالم.

تحول جذري وتاريخي
بحلول الأول من يناير 2020، بدأ تطبيق قرار المنظمة البحرية الدولية والمعروف IMO 2020 والذي حدد انبعاثات غازات الكبريت من السفن عند نسبة 0.5% نزولا من نسبة 3.5%، والذي زاد من أسعار النولون وبأكثر من 20%، وهذا ناتج عن كمية الانبعاثات من السفن، والتي تستهلك وحدها ما يزيد عن 4.4 مليون برميل من النفط يوميا. وحده هذا الاستهلاك يستحوذ على نسبة بين 50 و60% من إجمالي مصاريف تشغيل أي سفينة؛ فقد قدرت مراكز الأبحاث أن تصل إجمالي ما ترتب من مبالغ مالية لتتماشى السفن مع القواعد الجديدة خلال السنة الأولى فقط لتطبيق هذا التشريع إلى أكثر من 15 مليار دولار، والمتمثلة في تزويد السفن بمنقيات أو تكاليف الفارق في السعر بين الوقود العادي والوقود منخفض الكبريت، وتجدر الاشارة إلى أنه قد تم تركيب مصفيات وقود لعدد 212 سفينة فقط لتتلاءم مع متطلباتIMO2020 ، في حين فضلت أغلب الشركات اللجوء الى شراء الوقود الجديد بتركيز غازات الكبريت عند 0.5% بدلا من تركيب مصفيات وقود، أو تغيير محركات سفنها لتعمل بالغاز الطبيعي.

الحوادث البحرية
لقد شهد العام 2020 حوادث بحرية عديدة كان لسفن الحاويات منها نصيب، نذكر منها حادثة تصادم بين سفينة الحاويات SHAHRAZ والناقلة البضائع الصب SAMUDRA SAKTI I في مضيق سنغافورة في العاشر من مايو والتي أدت الى تصدع كبير في منتصف سفينة الحاويات. كما أن حوادث القرصنة في غرب أفريقيا ومضيق مالاقا قد زادت خلال العام 2020 وبالأخص منذ شهر أبريل، حيث هاجم قراصنة السفينة النرويجيّة "سيندغي بيرغي" قبالة سواحل نيجيريا واختطفوا تسعة نيجيريّين من بين طاقمها، في حين فقدت السفينةAPL England في جو عاصف يوم 25 مايو من السنة نفسها 40 حاوية من حمولتها بالقرب من السواحل الأسترالية.

ولكن يبقى حادث سقوط حاويات من سطح السفينة ONE Apus في آخر يوم من شهر نوفمبر الماضي هو الحادث الأكبر من نوعه منذ سنوات، حيث سقطت من على ظهر السفينة المذكورة 1816 حاوية في جو عاصف وبحر عالٍ وهي مبحرة من الصين الى ميناء لونغ بيتش في الولايات المتحدة. وبحسب إحصاءات المجلس العالمي للنقل البحري WSC فإن سقوط الحاويات في البحر ليس هو التحدي الأكبر لهذا النوع من السفن فالحرائق والانقلاب في عرض البحر يمثلان أكبر تحدٍ لسفن الحاويات، ثم يأتي سقوط الحاويات من على ظهر السفن كثالث تحدٍ لهذا النوع من السفن. وفي هذا الإطار أوضحت إحصائية رسمية للمجلس أن فقدان الحاويات في البحر قد سجل معدلا سنويا متوسطا قدره 1382 حاوية بين عامي 2008 و2019، فيما شهدت الفترة بين مطلع العام 2017 وحتى نهاية العام 2019 انخفاضا في أعداد الحاويات المفقودة بعرض البحر وبمعدل سنوي متوسط قدره 779 حاوية.

مخاطر وتحديات
لقد أكـدت تقارير المراكز البحثية وتقرير أونكتاد للعام 2020 وجود مخاطر قائمة وأخرى قادمة ستؤثر سلبا على النقل البحري للحاويات، منها ما هو خارجي (الأخطار الخارجية) كزيادة التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية كأكبر اقتصادين في العالم، والحوادث البحرية الكبيرة والمتكررة التي وقعت في الخليج العربي والبحر الأحمر وخليج عدن خلال العام 2020، والتحول العالمي في الطاقة، والحد من انبعاثات غاز الكبريت من السفن والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2020 وكان له أثر مباشر وواضح على أسعار النولون البحري، إلى جانب خطر القرصنة وبالأخص في منطقة غرب أفريقيا والتي تعتبر أخطر المناطق البحرية في العالم.

هذا بالإضافة الى الأخطار القديمة والمتمثلة في الوزن الحقيقي (الفعلي) للحاوية، والهجومات السيبرانية كمتربص دائم بشركات النقل البحري وشركات تشغيل بالموانئ على حد سواء، والذي سبب ويسبب لها خسائر فادحة، ولكن يبقى الخطر الأكبر على هذا النوع من النقل من داخل القطاع نفسه (الأخطار الداخلية) والمتمثل في وجود احتكار واضح وصريح للنقل البحري العالمي للحاويات، بالاضافة الى حرائق الحاويات، وحوادث معدات التداول والنقل كالرافعات والشاحنات بمختلف أنواعها، وحوادث تراكي السفن، وسرقة محتويات الحاويات، بالاضافة الى الأحوال الجوية والبحر العالي وتأثيره على سفن الحاويات وحمولاتها.

الأستاذ الربان عبدالله ونيس الترهوني، أخصائي اقتصاديات النقل، وباحث في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري – الإسكندرية، دراسات بحرية، العدد 71، مجلة ربان السفينة

أخبار ذات صلة