الاستغاثة في البحر: الإبلاغ المفتوح هو أمر ضروري للسلامة بحرية
يقول Peter Broadhurst، النائب الأول لرئيس قسم السلامة والتنظيم في Inmarsat Maritime: "إن الصعوبات التي يواجهها قطاع النقل البحري للتغلب على أكثر التحديات التي تهدد سلامته تسلط الضوء على الحاجة إلى إعداد تقارير تستند على التغيير الثقافي والتكنولوجيا الحديثة."
ومن هذا المنطلق، تكشف البيانات الواردة في تقرير مستقبل السلامة البحرية 2024أن شركة Inmarsat Maritime، تلقت 788 مكالمة استغاثة عبر النظام الدولي للاستغاثة والسلامة البحرية (GMDSS) من خلال خدمات RescueNET و SafetyNET في عام 2023. وقد انخفض هذا العدد بنسبة 7.6% مقارنة بـ853 مكالمة في عام 2022، على الرغم من أن العدد لا يزال متطابقًا مع متوسط 799 مكالمة استغاثة مسجلة سنويا خلال الفترة بين 2018-2023.
وهذا مماثل للأرقام التي يسجلها تقرير مراجعة النقل البحري والسلامة 2024 الصادر عن شركة Allianz Commercial، حيث بقي عدد الإصابات وحوادث النقل البحري المبلغ عنها مرتفعًا في عام 2023 على الرغم من الانخفاض البسيط بنسبة 3% مقارنة بعام 2022. من بين 2,951 حادثة تم الإبلاغ عنها في عام 2023، أكثر من نصف هذه الحوادث (1,587) وقعت بسبب حصول تضرر أو عطل في المعدات - ما سبب معظم الحوادث على مدار العقد الماضي.
على الرغم من أن إجمالي خسائر السفن في عام 2023 (26) انخفض بأكثر من الثلث مقارنة بعام 2022 (41)، إلا أن أسباب هذه الحوادث كانت مألوفة، مثل حوادث الغرق وجنوح السفينة والحرائق/الانفجار- وهذه هي الأسباب الثلاثة الأوائل لحوادث السفن منذ عام 2014.
وفي هذا الإطار، تظهر هذه الإحصائيات إلى أنه على الرغم من أن القطاع البحري يعمل على تعزيز سجله من ناحية السلامة، إلا أنه يجب بذل المزبد من الجهود للتغلب على تحديات السلامة المستمرة. من هنا، شدد Peter Broadhurst أن الحل يكمن في الإبلاغ المفتوح الذي يتم تطويره عبر التغيير الثقافي والتكنولوجيات الحديثة.
وفي هذا السياق، يقول Peter Broadhurst:" يعاني قطاع النقل البحري من "عدم" أو "التأخر" في الإبلاغ عن حوادث السلامة البحرية في قطاعات عديدة من صناعة النقل البحري. وعلى الرغم من مطالبة الدول الأعضاء في المنظمة البحرية الدولية باستخدام النظام العالمي المتكامل لمعلومات النقل البحري GISIS (التالبع للمنظمة) إلا أن الكثير من إدارات الأعلام لا يفعلون ذلك، وغالبًا بسبب مخاوف بشأن الإضرار بسمعتهم".
ويضيف Broadhurst: "علينا أن نعمل على تحسين هذا الجانب من القطاع، إذ يمكن لبيانات عن ضحايا حوادث السفن أو الحوادث الوشيكة أن تساعد على التغيير من خلال فهم الأسباب الأساسية ووتيرتها التي تساهم في وضع تدابير للحد من هذه الحوادث، ومع التكنولوجيا الحديثة في متناول أيدينا، يمكننا ويجب علينا فعل المزيد".
ويشير Broadhurst هنا أنه في حين أن البيانات هي ليست حلًا سحريًا، إلا أنها يمكن أن تدعم عملية صنع القرار في ظل الظروف المناسبة. ويقول: "يمكننا من خلال العمل معًا ومشاركة البيانات مجهولة المصدر أن نساعد الهيئات التشريعية وملاك السفن والمشغلين وشركات التأمين ونقابات البحارة وغيرهم على قياس الأداء واتخاذ خطوات استباقية لتحسين السلامة."
وفي إطار البحث والإنقاذ (SAR)، يجري العمل بالفعل من أجل تعزيز نهج سلامة أكثر استباقية قائم على التعاون والتكنولوجيا.
في سبتمبر 2023، أطلق الاتحاد الدولي للإنقاذ البحري (IMRF) مبادرة #SaferSAR لتحسين السلامة في البحر وتعزيز التعاون وتبادل المعرفة بين المتخصصين في البحث والإنقاذ في جميع أنحاء العالم. وكجزء من هذه المبادرة، يجري الاتحاد دراسة جدوى بشأن وضع منهاج لمشاركة الدروس وأفضل الممارسات المحددة في استجابة البحث والإنقاذ والحوادث والتمارين.
اقرأ أيضاً: Inmarsat تشجع الشركات البحرية على تعزيز أمنها السيبراني |
زيادة الوعي
ومن جانبها، علقت Caroline Jupe، الرئيسة التنفيذية للاتحاد الدولي للإنقاذ البحري (IMRF) قائلة: "يلعب الاتحاد ومجتمع البحث والإنقاذ دورا أساسيا لزيادة الوعي والسلامة في البحر، إذ أن التعاون أمر أساسي في وظائفنا التنظيمية، حيث إن الهدف هنا يكمن في التعرف على ثقافة المشاركة داخل مجتمع البحث والإنقاذ، وتحديد الحواجز الرئيسية والقيمة المحتملة لمشاركة المعلومات واستكشاف خيارات محتملة لإنشاء نظام عالمي لتبادل المعلومات".
كما يتجه القطاع إلى تبني ثقافة التعاون المدفوعة بالتكنولوجيا في مذكرات التفاهم (MoU) التي توقعها سلطات رقابة دولة الميناء.
في مايو 2023، وافقت مذكرة تفاهم دول البحري المتوسط لرقابة دولة الميناء Med MoU على اقتراح قدمته الهيئة الأوروبية للسلامة البحرية (EMSA) من أجل تطوير نظام معلومات جديد تحت اسم THETIS-Med لدعم عمليات الكشف التي تقوم بها سلطات رقابة دولة الميناء. وعليه، سيساعد هذا النظام الجديد المشتق من THETIS الذي يستخدمه أعضاء مذكرة تفاهم باريس على تحديد السفن التي تحتاج إلى الكشف من قبل سلطات رقابة دولة الميناء وتوفير إحصاءات التفتيش التي توفر صلة مباشرة إلى برنامج RuleCheck، الذي يعتبر مرجع EMSA للتشريعات البحرية.
بالإضافة إلى ذلك، ستعزز هذه المبادرة الشفافية والوعي الظرفي وذلك من خلال تيسير عمليات تبادل المعلومات وتبسيط عملية الإبلاغ. وعلى نطاق أوسع، توضح الاتفاقية ما يمكن تحقيقه عندما تتوافق المصالح، ويمكن أن تقدم نموذجا لزيادة التعاون بين مذكرات التفاهم التي تبرمها سلطات رقابة دولة الميناء.
ومن جهتها، أطلقت Inmarsat مجموعة عمل SEA-CARE في 25 أبريل 2024، التي تضم كبار الممثلين من مختلف أصحاب المصلحة لمناقشة السلامة البحرية فيما يتعلق ببيانات الاستغاثة والإصابات والحوادث.
شدد الحاضرون في حدث إطلاق هذا النظام الحاجة إلى نهج استباقي بدلا من النهج التفاعلي للسلامة بناء على مشاركة بيانات نوعية. بحيث أنهم يعتقدون أن ما يعيق تحسن السلامة في القطاع هو التأخر أو النقص في الإبلاغ عن ضحايا السفن والحوادث الوشيكة، الذي يكون غالبا بسبب الخوف من الأضرار بالسمعة أو القيود المفروضة على ملكية البيانات أو الشركات التي تحتفظ ببياناتها ولا تشاركها مع غيرها.
وعليه، وافق أصحاب المصلحة على البحث عن طرق لمشاركة البيانات المتعلقة بالسلامة لشركاتهم من أجل رسم صورة أكثر شمولا للسلامة البحرية يمكن أن يستفيد منها القطاع بأكمله. وقد اقترحوا الحلول المحتملة التالية:
• تحسين التكامل بين البيانات لتعزيز السلامة بصورة مفصلة.
• تشجيع تقديم بيانات السلامة إلى المنظمة البحرية الدولية عن طريق تعزيز المشاركة بين الدول الأعضاء.
• توفير بيانات أكثر دقة لتيسير تحليلات اتجاهات الصناعة واستخدامها لوضع التدابير، والمساعدة في إعطاء الأولوية لبرامج بناء القدرات للمساعدة على وضع التشريعات وتطبيقها.
• تعزيز الشفافية بدلا من المعاقبة عند الإبلاغ عن الحوادث لتعزيز ثقافة السلامة داخل الشركات وفي جميع أنحاء القطاع البحري.
وستواصل مجموعة العملSEA-CARE عقد اجتماعاته سنويا لاستعراض بيانات النظام الدولي للاستغاثة والسلامة البحرية (GMDSS) التابع لشركةInmarsat والبحث عن سبل استباقية لتحسين معايير السلامة على نطاق النقل البحري، إذ يوضحBroadhurst أن الهدف من هذه المبادرة هو إحداث تغيير جذري في مجال السلامة في القطاع.
وفي هذا الإطار، يقول Broadhurst:" ينبغي التشجيع على الإبلاغ المبكر وعلى الشفافية أيضا، بالإضافة إلى تبني وترسيخ ثقافة السلامة المفتوحة، بدءًا من إمكانية الوصول إلى بيانات السلامة".
ويضيف: "نحن نعيش في عالم بدأ يعتمد على الرقمنة في أغلب عملياته، ويمكننا الاستفادة من قدرتنا على الوصول إلى هذه البيانات والأدوات والنماذج المتطورة لتحليلها، وذلك من خلال تطوير الآليات لمشاركتها بسلاسة مع نظرائنا".
واستخلاصًا إلى ما سبق، يقول Broadhurst أن التشجيع على مشاركة البيانات بين الشركات سيستحدث أساسا للمعرفة ويمكّن قطاع النقل البحري على تحديد الاتجاهات وإعطاء الأولوية للعمل على الحد من المخاطر ورصد ما تحقق من تقدم بمرور الوقت.
ترجمة ربان السفينة
اقرأ أيضاً | |
|