ازدادت أهمية #النقل_البحري عالميا بسبب تفشي جائحة فيروس #كورونا والتي رافقها توقف شبه تام لنشاط النقل الجوي خلال العامين 2020 و2021، وصار النقل البحري مسؤولا عن نقل ما يقرب من 90% من تجارة العالم صعودا مــن 83% كانت تُنقل بحرا قبل تفشي الجائحة.

في موضوع ذي صلة بنشاط النقل البحري، عرّفت الأمم المتحدة الحادث البحري بأنه كل حدث/حادث ينجم عن تشغيل السفينة ويعرضها أو يعرض أي شخص للخطر بسببها، ما ينتج عنه ضرر جسيم للسفينة أو هيكلها أو بالبيئة، أو يؤدي إلى الوفاة، أو لإصابات خطيرة، أو عاهات مستديمة، أو فقدان الأشخاص من السفينة وهي في عرض البحر أو بالميناء، أو أي أضرار مادية للسفينة. كما يشمل أيضا جنوح السفينة وعدم مقدرتها على الإبحار، أو الحرائق على متنها، والتلوث البحري، بالإضافة الى انقلاب السفينة، أو حتى (هجرها) تركها.

تفاصيل حوادث السفن خلال العام 2022
على الرغم من تراجع أعداد السفن التي فقدت كليا خلال عام 2022 إلا أن تقرير Allianz عن الحوادث البحرية 2023 قد بين وبكل جلاء أن عدد الحوادث البحرية حول العالم قد زاد قليلا عن 3000 حادث في عام 2021 إلى 3032 حادثا في 2022، وأن 679 حادثا بحريا قد وقع في المياه المحيطة في المملكة المتحدة وحدها خلال عام 2022. كما أوضح التقرير نفسه أن عدد السفن (حمولة كلية 100 طن وأكثر) والتي تمت خسارتها كليا خلال عقد من الزمان قد بلغ 807 سفينة، كانت تفاصيلها كالتالي: سجل عام 2013 خسارة عدد 109 سفينة وانخفض العدد الى 89 سفينة فقط في العام التالي، ثم سجل عام 2015 صعودا في أرقام السفن المفقودة كليا وصل الى 105 سفينة، لينخفض هذا الرقم قليـلا إلى 102 سفينة في عام 2016. 

ويواصــل الانخفاض في الأعوام التالية تدريجيا إلى 95 سفينـة في 2017 و73 سفينة في 2018 و72 سفينة في 2019 و65 سفينة في 2022 و59 سفينة في 2021 وصولا إلى أقل عدد من السفن والتي تمت خسارتها كليا خلال عقد من الزمان وبالتحديد في عام 2022 وبعدد 38 سفينة فقط، وبمقارنة هذا الرقم مع الرقم الُمسجل في العام 2013 نجد أن نسبة التراجع في أعداد السفن المفقودة كليا وصلت إلى 68%، ومن جانب آخر، عزى التقرير أسباب الانخفاض في أعداد السفن المفقودة خلال عام 2022 إلى ارتفاع الوعي بين الأطقم البحرية، والذي أدى بدوره إلى ارتفاع معدلات السلامة، وإلى التحسن في تصميم السفن والمنصات البحرية، وإلى الأثر الإيجابي للتكنولوجيا.

 

اقرأ أيضاً: كلمة العدد 88: ما مصير الدول بعد إجراء عمليات التدقيق الالزامي عليها؟

 

أسباب الحوادث 
بين تقرير Allianz عن الحوادث البحرية أهم ثلاثة أسباب للحوادث البحرية خلال عقد من الزمان في الفترة بين 2013 و2022. يعتبر تعطل محركات السفن في عرض البحر السبب الرئيسي للحوادث البحرية، وقد وصل إلى 10753 حادثا من أصل 27477 حادثا بحريا، تلاه حوادث التصادم وعند 3098 حادثا، متبوعا بحوادث الجنوح وبعدد 2936 حادثا. 

كما حصر التقرير الأسباب وراء الحوادث البحرية خلال العام 2022 في الآتي: الحرائق، تعطل المحركات في عرض البحر، الانجراف والشحط والانقلاب، التصادم، تسرب المياه إلى هيكل السفن، تحرك أو إزاحة الشحنات، البحر العالي وسوء الأحوال الجوية، ومشاكل أثناء الربط. 

كذلك، أوضح تقرير عام 2023 أن 10 سفن بضائع عامة و6 سفن صيد و5 عبارات إما غرقت أو غمرتها المياه، وبنسبة وصلت إلى 55% من إجمالي السفن المفقودة خلال عام 2022، وأن 6 من بين 8 سفن قد تضررت أو فقدت كليا بسبب الجو العاصف في شهر يناير وحده، في حين فقدت 8 سفن بسبب الانفجارات أو بسبب الحرائق وبنسبة وصلت إلى 21%. وفي السياق نفسه، تمت خسارة 9 سفن بسبب تصادمها بسفن أخرى أو بمنشآت بحرية بنسبة وصلت إلى 23%.

في المجمل، كانت أنواع السفن المفقودة خلال العام الماضي 10 سفن بضائع عامة، 6 جرافات، 6 سفن ركاب، 5 قاطرات، 5 ناقلات نفطية، 3 سفن دحرجة، ناقلتي نفط خام، وكراكتين Dredgers، وسفينة حاويات واحدة.

وبين التقرير نفسه أن سفن البضائع العامة وسفن الصيد وسفن الركاب مثلت 60% من إجمالي السفن التي تمت خسارتها خلال الفترة الممتدة بين 2013 و2022؛ خلال هذه الفترة، فقدت وبشكل كلي 311 سفينة بضائع عامة و117 سفينة صيد و70 سفينة ركاب، في حين فُقدت كليا 53 سفينة بضائع سائبة و49 قاطرة و38 ناقلة نفطية و37 سفينة دحرجة و27 سفينة حاويات و19 ناقلة نفط خام. الجدير بالذكر هو استمرار الانخفاض في أعداد سفن البضائع السائبة الغارقة خلال الفترة نفسها انطلاقا من 2017.

 

اقرأ أيضاً: رأي العدد 86: قراءة لمؤشر البنك الدولي للأداء اللوجستي العالمي للعام 2023

 

المناطق الأكثر جذب للحوادث البحرية
تعتبر منطقة شرق وجنوب شرق آسيا المنطقة الأكثر كثافة من حيث حركة السفن حول العالم وبالتالي ليس غريبا أن تكون هي صاحبة الرقم الأكبر في عدد الحوادث البحرية. فبحسب تقرير Allianz عن الحوادث البحرية 2023 فإن ربع الحوادث البحرية خلال عام 2022 قد وقعت في هذه المنطقة، وأن 207 سفينة من أصل 807 سفينة فقدت كليا خلال عقد من الزمان قد فقدت في هذه المنطقة من العالم أيضا. 

يأتي حوضا الخليج العربي وغرب البحر الأبيض المتوسط بعد هذه المنطقة، ثم حوضا شرق البحر المتوسط والبحر الاسود اللذان شهدا معا وقوع 4969 حادثا بحريا، ما يمثل نسبة 18% من إجمالي الحوادث البحرية حول العالم خلال الفترة الممتدة من مطلع عام 2013 وحتى نهاية عام 2022.

أما التوزيع الجغرافي للسفن المفقودة فكان كالتالي: 10 سفن تمت خسارتها كليا كانت في مياه دول شرق وجنوب شرق آسيا، أي أن هذا الرقم يعادل ربع عدد السفن المفقودة، وهو أقل بخمس سفن مقارنة مع عام 2021، وبـ10 سفن عن العام 2020. كما فقدت كليا في العام نفسه 3 سفن في مياه الخليج العربي وبحر العرب نزولا من 9 و5 سفن كانت قد فقدت كليا خلال عامي 2020 و2021 على التوالي، ومثلها في القناة الإنجليزية. كما فقدت أيضا 3 سفن في مياه غرب حوض البحر الأبيض المتوسط.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الرقم هو نفسه المُسجل في العام 2021، كما فُقدت سفينتان في كل من: المياه الروسية قرب القطب الشمالي، ومياه بحر البلطيق، والمياه الأسترالية، ومياه المحيط الاطلسي، ومياه حوض شرق البحر المتوسط.

ختاما، نبه تقرير Allianz عن الحوادث البحرية للعام 2023 إلى أن الحجم المتزايد لسفن الحاويات وعدم الالتزام بتطبيق معايير السلامة على متنها يُعد من أهم أسباب الحوادث البحرية وبالأخص بعد العام 2017. كما نبه التقرير أيضا إلى أن الخطأ البشري هو العامل الأكثر شيوعا والمُسبب الرئيسي للحوادث البحرية على الرغم من تقدم التقنيات الرقمية ودخولها لكل مكونات الصناعة البحرية العالمية، الأمر الذي يعد ناتجا عن إجهاد الطواقم البحرية. كذلك نوه التقرير إلى أن دخول التقنيات الرقمية قد ضاعف بدوره من زيادة المخاطر المحدقة في صناعة النقل البحري العالمية، ومن أعداد الهجمات السيبرانية.

مجلة ربان السفينة، العدد 88، نوفمبر/ ديسمبر 2023،رأي - بقلم الدكتور عبدالله ونيس الترهوني، ص. 50

 

اقرأ أيضاً

 العدد 88 من مجلة ربان السفينة

(Nov./ Dec. 2023)

 

أخبار ذات صلة