دكتور عبدالله ونيس الترهوني، اختصاصي اقتصاديات النقل البحري

ازدادت أهمية النقل البحري عالمياً بسبب تفشي جائحة كورونا والتي تسببت في توقف شبه تام لنشاط النقل الجوي خلال العام 2020 ومطلع العام 2021، وبالتالي أصبح النقل البحري مسؤول عن نقل 90 % من تجارة العالم صعوداً مــن %83 كانت تُنقل بحراً قبل تفشي الجائحة، كما أن أعداد السفن المسجلة حول العالم والتي تزيد حمولتها الكلية GT اكثر من 100 طن قد ازدادات هي الأُخرى في آخر ثلاثون سنة من 80.000 سفينة إلى أكثر من 130.000 سفينة.

من جانب آخر، فالحوادث البحرية هي إما حدثًاً منفرداً أو سلسلة من الأحداث غيرالمتعمدة ، والتي ينتج عنها ضرر من أي نوع ، وهذا الضرر إما أن يؤثر على عمليات السفن أويُلحق أضراراً بالبنية التحتية البحرية أو بالبيئة أو حتى وجود إحتمالية حدوث أضراراً بالبيئة، وقد عًرفت الامم المتحدة الحادث البحري بأنه كل حدث/حادث ينجم عن تشغيل السفينة ويُعرضها أو يُعرض أى شخص للخطر بسببها، ما ينتج عنه ضرر جسيم للسفينة أو هيكلها أو بالبيئة، أو يؤدي إلى الوفاة ، أو لإصابات خطيرة، أو عاهات مستديمة، أو فقدان الأشخاص من السفينة وهي في عرض البحر أو بالميناء ، أو أي  أضرار مادية للسفينة، كما يشمل أيضاً جنوح السفينة وعدم مقدرتها على الإبحار، أو الحرائق بالسفن ، والتلوث البحري ، بالإضافة الى إنقلاب السفينة ، أو حتى (هجرها) تركها.

لقد بين تقرير Allianzعن الحوادث والمطالبات العالمية للعام 2022 أن العامين السابقين هما عامي المطالبات القياسية بسبب التعطل الطارئ للأعمال، حيث تعرضت سلاسل التوريد العالمية لضربات موجعة بسبب تفشي #الجائحة وإلى التقلبات المناخية العنيفة وزيادة أعداد الحرائق على متن السفن، ومازاد الطين بلة هو الزيادة غير المتوقعة في الطلب على السلع على مستوى العالم بعد الإنحسار الجزئي للجائحة مع نهاية العام 2020 والذي بدوره فاقم مشاكل سلاسل التوريد العالمية.

كما بين نفس التقرير أيضاً أن عدد المطالبات قد بلغت أكثر من 530.000 مطالبة تأمين في آخر خمس أعوام وبالتحديد بين عامي 2017 و 2021، وبلغت قيمة هذه المطالبات 88.7 مليار يورو تقريبًا ، وهذا يعني أن متوسط ماتم دفعه يومياً من مطالبات وعلى مدار الخمس السنوات الماضية قد وصل الى 48 مليون يورو، وأن تفشي الجائحة قد تسبب في مطالبات بقيمة 40 مليار دولار، كما أن المطالبات ستكون بالمليارات بسبب والحرب الروسية الاوكرانية والتي تسببت في الغاء عقود التوريد والنقل.

اقرأ أيضاً: مع بداية 2021.. نظرة على عام 2020 البحري: النقل البحري العالمي يسجل تراجعا بنسبة 4%

أسباب الحوادث
أوضح تقرير Allianzعن الحوادث والمطالبات العالمية أن أكبر الأسباب وراء الخسائر والمطالبات كانت الحرائق وبنسبة وصلت إلى 21% ثم الخسائر الناجمة عن الظواهر الطبيعية وبنسبة 15% ، تليها الحوادث أثناء القيام بأعمال الصيانات وبنسبة 9%، ثم جاءت الحوادث التي كان الطيران طرفاً فيها في المركز الرابع وبنسبة 9%، وبالتالي يمكننا القول أن هذه الأسباب لوحدها قد أستحوذت على أكثر من نصف قيمة المطالبات، ومن بين الأسباب العشرة الاكثر أهمية وراء الخسائر والمطالبات جاء قطاع النقل البحري في المركز السابع وبنسبة بلغت 3% فقط.

في المقابل أوضح تقرير Allianzعن الحوادث البحرية للعام 2022 الأسباب وراء الحوادث البحرية والتي حصرها التقرير في الآتي: الحرائق ، تعطل الماكينات بعرض البحر، الإنجراف والشحط والإنقلاب، التصادم، تسرب المياه إلى بدن السفن، تحرك أو إزاحة الشحنات، البحر العالي وسوء الاحوال الجوية، مشاكل أثناء الرباط، وبشئ من التفصيل فإن تعطل محركات السفن وهي في عرض البحر كان ولازال هو السبب الأول في خسارة الارواح والسفن حيث إرتفعت نسبته من %54 خلال العام 2020 إلى مايقترب من 60% من إجمالي السفن المفقودة مع فقدان 31 سفينة جراء تعطل محركاتها بعرض البحر، في حين جاء البحر العالي وسوء الاحوال الجوية كسبب ثاني لخسارة السفن كلياً خلال العام 2021 بعدد 13 سفينة وهو بالمناسبة أقل رقم تم تسجيله منذ سنوات، ثم جاءت الحرائق والانفجارات في المركز الثالث  والتي تسببت في فقدان 7 سفن، وفي المقابل إنخفضت أعداد السفن المفقودة بسبب حوادث الشحط والجنوح إلى 6 سفن فقط من إجمالي السفن المفقودة خلال العام 2021. 

ومن جانب آخر، وعلى الرغم من تقدم التقنيات الرقمية ودخولها لكل مكونات الصناعة البحرية العالمية يبقى الخطأ البشري  Human factor هو العامل الأكثر شيوعاً والمُسبب الرئيسي للحوادث البحرية وهو ناتج غالباً عن إجهاد الطواقم البحرية وبالأخص خلال فترة تفشي الجائحة، حيث تسببت الجائحة في إحتجاز مايقرب من ربع مليون من طواقم السفن والمنصات البحرية خلال فترة ذروة إنتشار الفيروس، كما أن دخول التقنيات الرقمية قد ضاعف بدوره المخاطر وزاد من أعداد الهجمات السيبرانية في السنوات الاخيرة.

اقرأ أيضاً: وائح إعادة تدوير السفن: أين نقف اليوم وما هي المعايير التي يجب اتباعها؟

تفاصيل الحوادث
بلغت عدد الحوادث البحرية خلال العام 2021 عدد 3000 حادثاً بحرياً منها 668 حادثاً في مياه المملكة المتحدة وحدها، و نتج عن كل هذه الحوادث فقد كلي لعدد 57 سفينة منها 27 #سفينة_تجارية صعودًا من 2700 حادثاً بحرياً وقعت في العام 2020 عام إنتشار الجائحة والتي نتج عنها خسارة كلية لعدد 49 سفينة منها 18 سفينة بضائع عامة بالمقارنة مع 48 سفينة منها 16 سفينة بضائع عامة كانت قد تمت خسارتها كلياً خلال العام 2019، وهذه الأرقام تعتبر هي الأفضل في آخر عشر سنوات بالمقارنة مع فقدان 127 سفينة خلال العام 2012 وحده ، كما توضح هذه الارقام وبكل جلاء إرتفاع نسبة الوعي بين الاطقم البحرية بأهمية السلامة البحرية والالتزام بتطبيقها.

وبحسب نفس التقرير فإنه من بين 57 سفينة قد تمت خسارتها كلياً خلال العام 2021 فإن عدد 15 سفينة قد تمت خسارتها كلياً كانت في مياه دول شرق وجنوب شرق آسيا أي أن هذا الرقم يعادل رُبع عدد السفن المفقودة خلال نفس العام، وهو أقل بعدد 5 سفن عن العام 2020، كما فُقدت 9 سفن في مياه الخليج العربي وبنسبة 15% من عدد السفن المفقودة أي بزيادة 4 سفن عن العام 2020، و7 سفن فقدت في مياه البحر الاسود و شرق البحر المتوسط أي مانسبته 12% وهذا العدد هو أقل بعدد 6 سفن عن العام 2020، وفقدت كلياً 3 سفن في كل من خليج البنغال ومياه غرب البحر المتوسط وبنسبة 10% من إجمالي السفن المفقودة، في حين تمت خسارة سفنتين كلياً في المياه الروسية قرب القطب الشمالي وبالمثل في بحر البلطيق والقناة الانجليزية، ومن جانب آخر فإن أنواع السفن المفقودة كلياً أي تمت خسارتها كلياً خلال العام 2021 وعددها 57 كانت كالتالي: 27 سفينة بضائع عامة، و7 سفن صيد، و 5 عبارات، و5 سفن تزويدات، وقاطرتين وسفينتي نقل مواد كيماوية وسفينة حاويات واحدة وناقلة نفط واحدة وسفينة دحرجة واحدة وكراكة واحدة وبارجة واحدة.

ختاماً، نبه تقرير Allianz# عن الحوادث البحرية للعام 2022 إلى أن الحجم المتزايد لسفن الحاويات وعدم الإلتزام بتطبيق #معايير_السلامة على متنها يُعد من أهم أسباب زيادة الحوادث، وأن مانسبته 70% من الحرائق قد وقعت في حاويات مشحونة على سفن مخصصة لنقل هذا النوع من البضائع وبالأخص في الفترة بين 2017 و 2021، كما نبه نفس التقرير إلى الزيادة المضطردة في أعداد الحاويات التي تسقط من على ظهر السفن، ووصل المتوسط الحسابي لأعدادها إلى 1382 حاوية/عام، الجدير ذكره أن عدد الحاويات المفقودة قد تجاوز 3500 حاوية خلال العامين 2020 و2021، منها 1800 حاوية سقطت في البحر من على ظهر السفينة ONE Apus وحدها  و 1000 حاوية من على ظهر السفينة Maersk Essen
 

مجلة ربان السفينة، العدد 81، سبتمبر/ نوفمبر 2022، دراسات بحرية - بقلم عبدالله الترهوني، ص. 54

اقرأ أيضاً

 العدد 81 من مجلة ربان السفينة

(سبتمبر/ أكتوبر 2022)

 

أخبار ذات صلة